للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بشرٌ يدَه على هذه البطيخة، فاشتريتُها بعشرين درهمًا، فأخذَ كل واحدٍ يقبِّلُها ويضعها على عينيه، فقال واحدٌ منهم: بأيِّ شيءٍ بلغَ بشرٌ هذه المرتبة؟! فقالوا: بالتقوى، قال: أشهدكم على أنِّي تائبٌ إلى الله تعالى، فقال القوم [كلُّهم:] ونحن تائبون، ثمَّ خرجوا إلى طَرَسُوس، فاستُشْهدوا كلُّهم (١).

[قصة المرأة التي تعلَّق بها الرجل:

قرأت على شيخنا الموفق قال بإسناده إلى الفتح بن شَخْرف قال:] (٢) تعلَّق رجلٌ بباب الشام بامرأةٍ وبيده سكين، لا يدنو منه أحدٌ إلَّا عقرَه، وكان [الرجل] شديدَ البدن، فبينا الناسُ كذلك، والمرأةُ تصيح في يده، إذ مرَّ بشرٌ، فدنا منه، وحكَّ كتفَه بكتف الرجل، فوَقَعَ الرجلُ إلى الأرض، ومضى بشرٌ والمرأة. قال الفتح: فدنوتُ من الرجل وهو يرشحُ عرقًا، فسألته عن حاله، فقال: ما أدري، ولكنه حاكَّني رجلٌ شيخ، وقال: إنَّ الله ناظرٌ إليك وإلى ما تعمل، فضعفتْ لقوله قدماي، وهبتُه هيبة شديدة، لا أدري من هو، فقلت: بشر الحافي، فقال: واسوأتاه، كيف ينظرُ إليَّ بعد اليوم؟! ثم حُمَّ من يومه، ومات من اليوم السابع (٣).

[قصة الرجل الذي كان يقع في الصوفيَّة:

رواها أبو نعيم، وقرأتُها على الموفق أيضًا بإسناده إلى أبي عبد الله القاضي عن أبيه كان يقول] (٤): كان ببغداد رجل من التجَّار يقعُ في الصوفيَّة، ثمَّ رأيتُه بعد ذلك يصحبهم، وأنفق عليهم جميعَ ما ملك، [قال:] فقلت له: أليس كنتَ تبغصهم؟ فقال ليس الأمرُ على ما (٥) توهمت، قلت: فحدِّثني، قال: صليتُ الجمعةَ يومًا [من الأيام] وخرجت، وإذا ببشرٍ الحافي قد خرجَ من المسجد مسرعًا، فقلت في نفسي: لأنظرنَّ إلى هذا الرجل الموصوفِ بالزهد ما يصنع، فتقدَّمَ إلى الخبَّاز فاشترى خبزًا بدرهم،


(١) كتاب التوابين (١٠٥).
(٢) في (خ) و (ف): قال أبو الفتح بن شخرف، والمثبت بين حاصرتين من (ب).
(٣) كتاب التوابين (١٠٦).
(٤) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وعن أبي عبد الله القاضي عن أبيه قال.
(٥) في (خ) و (ف): كما.