للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتقدَّم إلى الشوَّاء، فأخذَ منه شواءً بدرهم، [فزادني غيظًا]، ثمَّ تقدَّم إلى الحلاوي، وأخذ منه بدرهم فالوذجًا، فقلت: والله لأنغصنَّ عليه إذا أراد الأكل، [قال:] فخرج إلى الصحراء، وأنا أقول يريدُ الخضرةَ والماء، فما زال يمشي إلى العصر، وأنا خلفه، حتى أتى قريةً فدخل مسجدَها، وإذا فيه رجلٌ مريضٌ، فجلسَ عند رأسه وجعلَ يلقِّمُه، [قال:] فخرجت [من المسجد] لأنظر في القرية، ثمَّ عدتُ إلى المسجد، فلم أره، فقلت للمريض: أين بشر؟ فقال: ذاك الساعة ببغداد، [قال: فقلت: كم بيني وبين بغداد]؟ فقال: أربعون فرسخًا، فقلت: إنَا لله، أيشٍ عملتُ بنفسي، ما معي ما أكتري به، ولا أقدرُ على المشي! فقال: اقعد حتى يرجع، فقعدتُ إلى الجمعة القابلة، وإذا ببشرٍ قد أقبلَ ومعه شيءٌ، فجلس عند رأس المريض يطعمُه، [قال: فقمت فقلت، أوَ قال له المريض (١):] يا أبا نصر، هذا رجلٌ صحبكَ من بغداد، وهو عندي منذ جمعة، [قال:] فنظرَ إليَّ كالمغضب وقال: لم صحبتني؟ فقلت: أخطأت، فقال: قم، فمشينا إلى المغرب، فلمَّا وصلنا إلى بغداد قال: اذهب إلى محلَّتك، ولا تعد، [قال: وقال في:] ولا تحدِّث به في حياتي، فقلت: نعم، [قال:] وتبتُ إلى الله تعالى ممَّا كنت أعتقده فيهم، وخرجتُ عن مالي، وصحبتُهم (٢) [والحمد لله وحده.

ذكرُ زيارته معروفًا الكرخيّ:

روى ابن باكويه عن أحمد بن الهيثم قال:] (٣) قال لي بشر: قل لمعروف الكرخيّ: إنني أريدُ أن أزورَه، فقلت لمعروف، قال: نعم، فجاء بشرٌ بعد هوي من الليل، وعلى رأسه سجادة، فمشى على دجلة وأنا أنظر [إليه]، وقام معروف، فسلَّم كلُّ واحد منهما على صاحبه، واعتنقا، وجلسا فتحادثا إلى السحر، ثم ودَّع معروفًا، وخرج معه معروفٌ إلى دِجْلة، وكان معروفٌ في مسجده على دِجْلة، ثمَّ مَشى بشرٌ على الماء حتى عبرَ على دجلة إلى الجانبِ الشرقي، ثم التفتَ [إليَّ] وقال: إيَّاك إيَّاك والحديث، اكتم عليَّ ما رأيت، فما حدَّثتُ به أحدًا حتى مات.


(١) ما بين حاصرتين من (ب)، وفي (خ) و (ف): فقال المريض.
(٢) حلية الأولياء ٨/ ٣٥٢ - ٣٥٣، وكتاب التوابين (١٠٧).
(٣) ما بين حاصرتين من (ب)، وفي (خ) و (ف): وقال أحمد بن الهيثم.