للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعلمُ لو أنِّي أعلم أن هذا هاهنا لما تكلَّمت. قال السلميُّ: فرجعَ الحسنُ [الفلَّاس] لا يأكلُ إلا من قمام المزابل، فأقام أيامًا ثمّ احتضر، فدخلَ عليه بشر وهو مضطجع، وتحتَ رأسه لَبنة، فقال: يا حسن، كيف حالك؟ ففتحَ عينه وقال: لقد أعطاني ما يتنافس فيه الكلّ.

و [قال أبو نعيم:] قال بشر: الموتى داخلَ السُّور أكثرُ منهم خارج السور (١).

[قال:] وقال: ليس من المروءة أنْ تحبَّ ما يبغضُ حبيبك (٢).

[وحكى الخطيب عن إبراهيم الحربي قال: سمعت بشرًا يقول] (٣): حسبك أن [أقوامًا] موتى تحيى بذكرهم القلوب، وأنَّ أقوامًا أحياء تعمى برؤيتهم العيون (٤).

[قال:] وقال [بشر:] قد يكون الرجلُ مرائيًا في حياته وبعد مماته قيل [له: أمَّا] في حياته نعم، وأمَّا بعد مماته قكيف؟ قال: يحبُّ أن يكثرَ الناسُ في جنازته (٥).

وقال [بشر:] الصدقةُ أفضلُ من الجهاد والحجّ، بهاك يركبُ ويجيء فيراه الناس، وهذا يتصدَّق سرًّا، ولا يعلم به إلَّا اللهُ تعالى.

وقال: ما أقبحَ أن يقال: أين فلان العالم أو الفقير؟ فيقال: على باب الأمير.

وقال: الحلالُ لا يحتمل السرف.

وقال: يأتي على النَّاس زمان تكون الدولة فيه للحمقى على الأكياس.

وقال: النظرُ إلى البخيل يقسِّي القلب، وإلى الأحمق يُسخِنُ العين.

وقال: الصبرُ الجميل: الذي ليس فيه شكوى إلى الناس.

وقال: لا تجدُ حلاوةَ العبادة حتى تجعلَ بينك وبين الشهوات سدًّا من حديد.

وقال: هب أنَّك ما تخاف [من النار]، أمَّا تشتاق [إلى الجنة].


(١) حلية الأولياء ٨/ ٣٤٨.
(٢) لم أقف عليه عن بشر بن الحارث، وأورده بنحوه أبو نعيم في الحلية ٨/ ٣٠٠ في ترجمة بشر بن السريّ منسوبًا له ولفظه: نيس من أعلام اطب أن تحب ما يبغض حبيبك.
(٣) ما بين حاصرتين من (ب)، ومكانها في (خ) و (ف): وقال.
(٤) لم أقف عليه في تاريخ بغداد، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه ٣/ ٣٣٠ (مخطوط) من غير طريق الخطيب.
(٥) صفة الصفوة ٢/ ٣٣٣.