للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: المتقلِّبُ في جوعه كالمتشحِّطِ في دمه في سبيل الله.

وقال: شاطرٌ سخيٌّ أحبُّ إلى الله تعالى من قارئٍ بخيل.

وقال: إذا لم تطع مولاك فلا تعصِه.

وقال له رجل: يا بشر انقبضتَ عن أخذ البرِّ من أيدي الناس؛ لإقامة الجاه، فإن كنت متحقِّقًا بالزهد، فخذ من أيديهم حتى تمحي جاهَك عندهم، وفرّق ما يعطونَك في الفقراء، وخذ بعقد التوكل قُوْتَك من الغيب (١).

فقال له بشر: الفقراءُ ثلاثة؛ فقيرٌ لا يَسْأل، وإن أعطيَ لا يأخذ، فذلك من الروحانيين، إذا سألَ الله أعطاه، كان أقسمَ عليه أبرَّ قسمَه، وفقيرٌ لا يَسْأَل، وإن أعطي أخذ، فذلك من أوسطِ القوم، عقدُه التوكُّل والسكونُ إلى الله تعالى، وهو ممن تُوْضَعُ (٢) له الموائدُ في حضرة (٣) القدس، وفقير اعتقدَ الصبر ومدافعة الوقت، فإذا طرقته الحاجةُ خرجَ إلى عباد الله بالسؤال، وقلبُه مع الله، فكفارةُ مسألتِه صدقُه في السؤال.

فقال الرجل: رضيتُ، رضي الله عنك.

وقال بشر: من سألَ الله الدنيا، فإنَّما يسألُه طولَ الوقوف للحساب بين يديه.

وقيل له: لم لا تخوِّف السلطان بالله؟ فقال: إنّي أُجِلُّ الله تعالى أنْ أَذكرَه عند من لا يعرفهُ.

وقال: أردتُ مرَّة أنْ أكتبَ كتابًا، فعرضَ في كلامٌ؛ إن كتبتُه في الكتاب حَسُن وكان كذبًا، كان تركتُه سَمُج وكان صدقًا، فعزمتُ على تركه، فناداني منادٍ من جانب البيت: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ الآية (٤) [٢٧ من سورة إبراهيم].

وقال: أمس قد مات، واليوم في النزع، وغدًا لم يولد.

وقال: من أرادَ أن يكون عزيزًا في الدنيا سالمًا في الآخرة، فلا يحدِّث، ولا


(١) من قوله: وقال له رجل … إلى هنا. ليس في (ب)، وما سلف بين حاصرتين منها.
(٢) في (خ) و (ف): يوسع. والمثبت من (ب) وطبقات الصوفية ص ٤٧.
(٣) في (ب): حظيرة.
(٤) من قوله: وقال: أردت مرة … إلى هنا. ليس في (ب).