للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكنَّ خلفي صبيةً قد تركتُهم … وأكبادُهم من حسرةٍ تتفتَّتُ

كأنِّي أراهم حين أُنعى إليهمُ … وقد خَمشوا تلكَ الوجوهَ وصوَّتُوا

فإن عشت عاشوا خافضين بغبطةٍ … أذودُ الردَى عنهم وإنْ متُّ مَوتُوا

فمن قائلٍ لا يُبعِد الله روحَه … وآخر جذلانٌ بسرُّ ويَشمَتُ

يعِزُّ على الأوسِ بن تغلبَ موقفٌ … يهزُّ عليه السيفُ فيه ويسكتُ

فرقَّ له المعتصمُ وقال: كاد واللهِ أن يسبقَ السيف العَذَل، اذهب فقد وهبتك للصبية، وعفوتُ لك عنْ الصَّبوة (١).

وغضبَ المعتصُم على الحسين بن الضحاك، لأنَّه مدحَ العباس بن المأمون (٢)، فاستتر وكتب إليه: [من الكامن]

غضبُ الإمامِ أشدُّ من أدبه … وقد استجرتُ وعُذتُ من غضبِه

أصبحتُ معتصمًا بمعتصمٍ … أثنى الإلهُ عليه في كتبِه

لا والذي لم يُبْقِ لي سببًا … أرجو النجاةَ به سوى سببِه

ما لي شفيعٌ غيرُ (٣) رحمته … ولكل من أَشْفَى على عَطبِه

فلما قرأها التفتَ إلى ولده الواثق وقال: بمثل هذا الكلام يستعطَف الكرام، فقال: هو حقيقٌ بأن يُتجَاوز عنه، فرضيَ عنه وأعاده إلى مكانه.

ومن شعره: [من المتقارب]

وداعُك مني وداعُ الربيع … وفقدُكَ مثلُ افتقادِ النديم

عليكَ السلامُ فكم من نَدى … فقدناه منكَ وكم مِنْ كريم (٤)

وقيل: إنَّه يَرثي بهما.


(١) انظر الخبر في العقد الفريد ٢/ ١٥٨ - ١٥٩، وزهر الآداب للقيرواني ٢/ ٧٨٤ - ٧٨٥، وكتاب التوابين (١٤١).
(٢) في الأغاني ٧/ ١٦٧، والفرج بعد الشدة ١/ ٣٣١، ومعجم الأدباء ١٠/ ٢٢: أن المعتصم غضب على الحسين بن الضحاك شيء جرى على النبيذ.
(٣) في (خ) و (ف): سوى. والتصويب من المصادر.
(٤) لم أقف على من نسبها للمعتصم، وهي لدعبل، ديوانه ص ٢٤٨ وروايتها فيه وفي غيره من المصادر: =