للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنبر، فما نزلَ حتَّى فرَّق خراجها، وهو ثلاثة آلاف دينار.

[وذكره الحاكم في "تاريخ نيسابور"، وأثنى عليه، وحكى عنه حكايات كثيرة فقال: جاءه] (١) رجلٌ من أهل هَراة، فقال: إنِّي مظلوم، قال: ومن ظلمَك؟ قال: أبوك، ثمَّ أنت، قال: وكيف؟ قال: أخذَ أبوكَ ضيعتي، وهي اليومَ في يد نوَّابك، فقال: ألكَ بيِّنة؟ فقال: إنَّما تكونُ البيِّنةُ بعد المرافعَة إلى الحاكم، فصرْ معي إلى الحاكم؛ ليحكمَ بيني وبينك بحكم الإسلام.

فدعا ابن طاهر نصرَ بن زياد القاضي، فجلس، وابن طاهر [جالسٌ] في مجلسه، فادَّعى الرجل، فلم يسمع القاضي الدعوى، ففهمَ ابنُ طاهر أنَّه إنَّما امتنعَ من سماع الدعوى حيثُ إنَّه لم يساوِ خصمَه في الجلوس، فقام ابنُ طاهر من مجلسِه، وجلس مع خصمه بين يديه، فقال الرجل: أَدَّعي أيُّها القاضي أنَّ لي ضيعةً من ضياع هراة، وذكر حدودَها، وأنَّها في يد الأمير، فقال ابن طاهر: غيَّرتَ الدعوى؛ لأنَّك إنَّما ادَّعيتَ على أبي، فقال الرجلُ: ما رأيتُ أنْ أفضحَ أباك في مجلس الحاكم، وأنَّه غصب، فقامَ ابنُ طاهر [من بين يدي القاضي]، وعادَ إلى مجلسه، وأمرَ الكاتبَ يكتبُ بردِّها عليه.

[وفي رواية: طلبَ الرجلُ يمينَه، فقام ابنُ طاهر من مجلسه، وذكره.] (٢)

وقال أحمد بن سعيد الموصلي (٣): قال لي عبد الله بن طاهر: يا أحمد، إنَّكم تبغضُون المرجئةَ تقليدًا، وأنا أبغضهم عن معرفة، إنَّ أوَّل أمرهم أنَّهم لا يرون للسلطان طاعةً، ويقولون: إيمانُنا كإيمانِ جبريل وميكائيل، وإني لا أستجيزُ أن أقول: إيماني كإيمان يحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل.

وقال أحمد بن أبي طاهر: لمَّا خرج عبد الله بن طاهر إلى المغرب، كان معه كاتبه أحمد بن نَهيك، فلمَّا نزلَ دمشق أُهديت لأحمد هدايا كثيرة في طريقه وبدمشق، فكان يُثبِّتُ كلَّما يُهدَى له في قرطاس، ويدفعه إلى خازنه، فأمرَ عبدُ الله بن طاهر (٤) أحمدَ بن


(١) ما بين حاصرتين من (ب)، وفي (خ): وجاء له، وموضعها في (ف) بياض.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب)، والرواية الأخيرة ذكرها ابن عساكر في تاريخ دمشق ٩/ ٤٤٣ - ٤٤٤ (مخطوط).
(٣) كذا في (خ) و (ف)، وفي تاريخ دمشق ٩/ ٤٤٢: الرباطي. وهو الصواب.
(٤) في (خ) و (ف): أحمد بن طاهر. وهو خطأ. والتصويب من تاريخ بغداد.