للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَهيك أن يغدو عليه لعمل كان يعمله، وأمره أن يثبته، ووضع ورقة العمل مع الورقةِ التي فيها الهدايا، فغلط الخازن، فأحضرَ ورقةَ الهدايا، وتركَ الورقة التي فيها العمل، ودخل على عبد الله بن طاهر فسأله عما كان تقدَّم من العمل، فقال: عملته، وأخرج الورقة من خفِّه، فناوله إيَّاها، وكان دَرجًا كبيرًا، فتأمَّله ابنُ طاهر من أوَّله إلى آخره، ثم طواه، وقال لابن نَهيك: خذ ورقتَك، فليس هذا أردت، فلمَّا نظر أحمد فيها أُسقِط في يده، فلما انصرفَ إلى مضربه وجَّه إليه عبدُ الله يقول: قد وقفتُ على ما في الورقة، فوجدتُه سبعينَ ألف دينار، وقد علمتُ أنَّه قد لزمتكَ غرامةٌ ومؤنةٌ عظيمةٌ في سفرك، ومعك جماعةٌ وزُوَّارٌ تحتاجُ إلى برِّهم، وليس مقدارُ ما يصلُ إليك يفي بمؤنتك وقد وجَّهت إليك بمئة ألف دينار؛ لتصرفَها في الوجوه التي ذكرتها (١).

[وقال الخطيب بإسناده إلى سهل بن ميسرة (٢) قال:] (٣) لمَّا رجعَ عبد الله بن طاهر من الشام إلى بغداد صعد فوق سطح [قصره]، فنظر إلى دخانٍ يرتفع من جواره، فقال: ما هذا الدخان؟ فقيل: لعلَّ القوم يخبزون، فقال: أو تحتاج جيراننا إلى ذلك، [أو أن يتكلَّفوا ذلك]؟! ثم دعا حاجبَه، وقال: امض ومعكَ كاتبٌ، وأحصِ جيراننا ممَّن لا يقطعُهم عنَّا شارعٌ، فمضَى فأحصاهم، فبلغَ (٤) عددهم [أربعة آلاف] نفس (٥) فأمر لكلِّ بيتٍ بالخبز واللحم، وما يحتاجون إليه، وبكُسوة الشتاء والصيف، والدراهم، [فما زال ذلك دأبه] (٦) حتَّى خرج من بغداد، فانقطعَ ذلك، وكان يبعثُ من خراسان إليهم بالكُسوة مدَّة حياته (٧).

[وحكى الخطيب أيضًا بإسناده إلى أبي الفضل الربعيّ عن أبيه أنَّه قال:] قال المأمون لعبد الله بن طاهر: أيُّما أطيب [مجلسي أو مجلسك، وفي رواية:] منزلي أو منزلك؟ قال: يا أمير المؤمنين منزلي، قال: ولم؟ قال: لأنِّي فيه مالك، وأنا في


(١) تاريخ بغداد ١١/ ١٦٣ - ١٦٤. ومن قوله: وقال أحمد بن سعيد … إلى هنا ليس في (ب).
(٢) في (ب) و (ف): مبشر، وفي (خ): ميسر. والتصويب من تاريخ بغداد.
(٣) ما بين حاصرتين من (ب)، وفي (خ) و (ف): وقال سهل بن …
(٤) في (ب): فرفع.
(٥) في (خ) و (ف): ألف نفس، والمثبت بين حاصرتين من (ب).
(٦) في (خ) و (ف): فما زالوا كذلك. والمثبت بين حاصرتين من (ب).
(٧) تاريخ بغداد ١١/ ١٦٤ - ١٦٥.