للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقيدهم (١)، ووجد في [منزل أحدهما (٢)] أعلامًا، وضَربَ خادمًا لأحمد بن نصر، [فأقرَّ أنَّ] (٣) الرجلين كانا يأتيان أحمد بن نصر في منزله ليلًا فيعرِّفانه ما فعلا، وكان يصوِّبُ ذلك، فبعثَ بهم إلى الواثق مقيَّدين إلى سُرَّ من رأى فحبسَهم.

وقال الطبريُّ: كان أحمدُ بن نصر يغشاه أصحابُ الحديث، كيحيى بن معين وأصحابه، وأبي خيثمة وغيرهما، وكان يظهرُ المباينةَ لمن يقول بخلق القرآن، مع منزلةِ أبيه في دولة بني العباس، ولما شاع عن الواثق القولُ بخلق القرآن كان أحمد يقول عن الواثق: قال هذا الخنزير، وفعل الخنزير، وقال الكافر، ونحو ذلك، وكان يغشاهُ رجلٌ يعرف بأبي هارون السرَّاج، وآخر يقال له: طالب، وآخر من أهل خراسان، واجتمع أصحاب الحديث وغيرهم إليه، وحملوه على إظهارِ الإنكار بخلق القرآن، وتواعدوا على الوثوب ببغداد، طالبٌ في الجانب الغربي وأبو هارون في الجانب الشرقيّ، وفرَّقوا الأموال في الناس، وتواعدوا على الخروج ليلة الخميس لثلاث خلون من شعبان، فلمَّ كان عشية الثلاثاء، جلس جماعةٌ يشربونَ الخمر فثملوا، وظنُّوها ليلة الخميس، فضربوا الطبل، فلم يجبهُم أحد، وكان إسحاق بن إبراهيم غائبًا عن بغداد، وخليقتُه بها أخوه محمد بن إبراهيم، فبعثَ إليهم من سألهم عن القصَّة، فأكثروا، فنمَّ عليهم رجل يقال له: عيسى الأعور، فأخذَهم محمد وقيَّدهم بقيودٍ ثقال، وبعثَ بهم إلى الواثق، وكانوا ستةً (٤)، أحمدُ بن نصر، وأبو هارون، وطالب، والخراساني، وخصيين، فحُمِلوا إلى سامرَّاء على بغال بغير أُكُف، وكان خروجُهم من بغداد يوم الخميس لليلةٍ بقيت من شعبان هذه السنة.

ذكر مقتله:

قال الصولي: جلس لهم الواثق، وقال لأحمد: دعْ عنك ما أحدثت من الخروج


(١) في تاريخ بغداد ٦/ ٤٠١: فقيدهما. وهو الصواب، يريد أنَّه قيد طالبًا وأبا هارون.
(٢) في (خ): مزلهما. وفي (ف) بياضٌ يتسع لكلمتين. والمثبت بين حاصرتين من تاريخ بغداد ٦/ ٤٠١.
(٣) في (خ) و (ف): بياض والمثبت من تاريخ بغداد.
(٤) الستة كما في تاريخ الطبري ٩/ ١٣٧ هم: أحمد بن نصر، وخصيين وابنين له ورجل ممن كان يغشاه يقال له: إسماعيل بن معاوية بن بكر الباهلي.