للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال لي: اكتب: [من البسيط]

هي المقاديرُ تَجري في أعنَّتها … فاصبرْ فليسَ لها صبرٌ على حالِ

ثم نظرَ طويلًا، فلم يحضره شيءٌ آخر، فقال: حسبك (١).

وقال أحمد بن حمدون: كان بين الواثق وبعض جواريه شرٌّ، فخرج كسلان، فلم أزلْ أنا والفتح بن خاقان نحتالُ في نشاطه، فلم ينشط، ورآني أضاحكُ الفتح، فقال: قاتلَ اللهُ العباسَ بن أحنف حيث يقول: [من البسيط]

عَدْلٌ من الله أبكاني وأضحككم … فالحمدُ لله عدلٌ كلُّ ما صنعَا (٢)

للحُبِّ في كلِّ عضوٍ لي [على] حِدَةٍ … نوعٌ تفرَّقَ عنه الصبر (٣) واجتمعَا

فقال له الفتح: أنتَ والله يا أميرَ المؤمنين في وضع (٤) التمثيل في موضعه أشعرُ منه وأظرف.

وقال يحيى بن أكثم: كان أحمدُ بن أبي دؤاد قد استولَى على الواثق؛ دخلَ عليه يومًا وعنده محمدُ بن عبد الملك وجماعةٌ، وقد نالوا من ابنِ أبي دؤاد، فلمَّا رآه الواثق تمثل بقول الحطيئة، وأومأ إليهم: [من البسيط]

مَلُّوا قِرَاهُ وهَرَّتْهُ كلابُهم … وجرَّحُوه بأنيابٍ وأضراسِ (٥)

ففهم ابن أبي دؤاد، فأشارَ إلى ابن الزيَّات، وقال: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: ١١]، ثم قال ابن أبي دُؤاد: فما قال لهم أمير المؤمنين؟ قال: ما قاله كثيِّرُ عزَّة: [من الكامل]

ومَشى إليَّ بعيب عزَّة عصبةٌ … جعلَ الإلهُ خُدودَهنَّ نِعالَها (٦)


(١) تاريخ بغداد ١٦/ ٢٥ - ٢٦، والمنتظم ١١/ ١٢٠ - ١٢١.
(٢) بعده في تاريخ بغداد ١٦/ ٢٦، والأغاني ٨/ ٣٥٧ - ٣٥٨، والمنتظم ١١/ ١٢١:
اليوم أبكي على قلبي وأندبُهُ … قلبٌ ألحَّ عليه الحبُّ فانصدعا
(٣) في (خ) و (ف): الصد، والمثبت من تاريخ بغداد ١٦/ ٢٦، والمنتظم ١١/ ١٢١، وما بين حاصرتين منهما. ولم يُذكر هذا البيت في الأغاني.
(٤) في (خ) و (ف): موضع. والمثبت من تاريخ بغداد والمنتظم والأغاني ٨/ ٣٥٧ - ٣٥٨.
(٥) ديوان الحطيئة ص ٢٨٤.
(٦) ديوان كثير ص ٢٣٥ بألفاظ قريبة.