للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال حماد الموصلي: مرضَ الواثقُ فعادَه أبي وأنشد: [من البسيط]

ليتَ الشكاةَ التي كدنَا لها جَزعًا … نموتُ لو أنَّ شيئًا يسبقُ الأجلَا

كانت بنا دونَ مولانا وسيِّدنا … وأنه جُنِّبَ الأوصابَ والعِلَلَا

فالحمدُ لله إذ صحَّت سلامتُه … وأذهبَ الله عنه الخوفَ والوجلَا

يا أيُّها الواثقُ المأمولُ أنتَ لنا … عزٌّ نلوذُ به إذ نازلٌ نزلَا

لا نتَّقي ريبَ دهرٍ ما بقيتَ لنا … ولا نبالي إذا وُلِّيتَ ما فعلَا

نَهوى الحياة إذا ما كنتَ راعيَنا … وإن بقينا ليومٍ غيرِ ذاك فلَا

فأعطاه ستة آلاف دينار.

وقال أبو عثمان المازني: كان سبب طلب الواثق لي أن جاريةً غنَّت بين يديه: [من الكامل]

أظلومُ إنَّ مصابَكم رَجلًا … أهدى السلامَ تحيَّة ظلمُ

فأنكرَ عليها الواثق، فقالت: قرأتُهُ على المازني، فأرسلَ في طلبي، فلمَّا دخلتُ عليه قال: ممَّن الرجل؟ قلت: من مازن، فقال: مازن اليمن، أو ربيعة، أو تميم، أو شيبان؟ فقلت: من مازن ربيعة، فقال: ما اسبك -بالباء، وهي لغةُ قومنا-؟ قلت: مكر، أي: بكر، فضحك وقال: اقعد، فقعدت، فقال: كيف تنشدُ هذا البيت: أظلوم إنَّ مصابكم؟ فقلت: رجلًا، فقال أين خبر إنَّ؟ قلت: ظلم، الذي في آخر البيت، فقال: ولم؟ قلتُ: لأنَّ البيتَ معلَّق به، ولا معنَى تحته حتى يتمَّ به، فأعطاني ألفَ دينار، وأمرني بملازمة مجلسه (١).

وقال الصوليُّ: جلسَ الواثقُ يومًا وعنده ندماؤه، فطربَ، فقال: من ينشدُنا؟ فقال الحسين بن الضحَّاك: أنا، فأنشدَه قصيده التي أولها: [من الطويل]

سَقَى الله بالقاطولِ مسرحَ طرفكا … وخصَّ بسُقياهُ مناكبَ قصركَا (٢)


(١) انظر القصة في نزهة الألباء ص ١٨٣ - ١٨٥، ووفيات الأعيان ١/ ٢٨٤، وإنباه الرواة ١/ ٢٤٩، والأغاني ٩/ ٢٣٤ - ٢٣٥، وفي نزهة الألباء وإنباه الرواة أنه انتسب إلى مازن شيبان. وانظر ما سيأتي في ترجمة المازني من هذا الجزء.
(٢) في (خ): مرابع طرفكا. والمثبت من الأغاني ٧/ ١٥٨، وما سيأتي بين حاصرتين منه.