خلقتَ أمينَ الله للخلقِ عصمةً … وأمْنًا وكلٌّ في ذراكَ وظَلِّكَا
وثقْتَ بمن سمَّاك في الغيب واثقًا … وثبَّتَ بالتأييد أركانَ مُلكِكَا
وأعطاكَ مُعطيكَ الخلافةَ شكرَها … وأشعر بالتَّقوى سريرةَ قلبِكَا
وزادكَ من أعمارنا غيرَ مِنَّةٍ … عليكَ بها أضعافَ [أضعافِ] عمرِكَا
ولا زالتِ الأقدارُ في كلِّ حالةٍ … عدوًّا لمن عاداكَ سلمًا لسلمكَا
إذا كنتُ من جدواك في كلِّ نعمةٍ … فلا كنتُ إنْ لم أُفْنِ عمري بشكركَا
من أبيات، فأعطاه خمسينَ ألفًا.
وقال الواثق: ما مدحني أحدٌ كما مدحني إدريس بن سليمان بن أبي حفصة، والأبيات: [من البسيط]
قل للخليفة هارونَ الذي خضعتْ … له رقابُ ملوك السهلِ والجبلِ
أصبحتَ مالك بعد الله من مثل … والله ليسَ له في العزِّ من مثلِ
ورثتَ عن خلفاءٍ أنتَ تاسعُهم … خلافة ورثوها خاتمَ الرسلِ
منكم رشيدٌ ومهديٌّ ومعتصمٌ … وواثقٌ عن سبيل الحقِّ لم يملِ
لو لم يُقِم قبَّةَ الإسلامِ عدلكُم … لأصبحَ الملكُ منها غيرَ معتدلِ
وحوَّلَ الواثقُ الدُّنيا فجادَ بها … وسدَّ بالعدلِ باب الجورِ والنحلِ
أحييتَ بعدَ رسولِ الله سنَّتَه … فأصبحَ الحق فيها واضحَ السبلِ
وكان الواثق مريضًا، فأمرَ أحمدَ بن أبي دُؤاد أن يصلِّي بالناسِ يومَ العيد، فلمَّا انصرف قال: كيف كان عيدكم؟ قال: كنَّا في نهارٍ لا شمسَ فيه، فقال: أنا مؤيَّدٌ بك (١).
وقال إسحاق بن إبراهيم: حججتُ ثم عدت إلى سامراء، فدخلت على الواثق فقال: أطرفني بأحاديثِ الحجاز والأعراب، فقلت نزلتُ في بعض المنازل، فجلس إليَّ فتىً من الأعراب، فرأيتُ منه أدبًا وحديثًا حسنًا، فقلت: أنشدني فقال: [من الطويل]
(١) تاريخ بغداد ١٦/ ٢٥، ومختصر تاريخ دمشق ٢٧/ ٤٢.