للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمَرَنْد، وكانت له قلعتان حصينتان؛ إحداهما بكدر (١) خارجَ البحيرة، والأخرى شاهي، وهي في البحيرة، والبحيرة قدر عشرين (٢) فرسخًا في جدار إرمينية ومراغة، وهي لا سمك فيها ولا خير (٣).

وقيل: إنَّ ابن البعيث كان محبوسًا عند إسحاق بن إبراهيم بن مصعب، فتكلَّم فيه بُغَا الشرابيّ، وأخذَ منه ثلاثين كفيلًا، وأقام يتردَّدُ إلى سامرَّاء (٤)، فلمَّا مرض المتوكِّلُ هربَ إلى مَرَند، واجتمع إليه الناس، فصار في ألفين من الفرسان.

فبعث إليه المتوكِّلُ حمدويه السعديّ، فحصره في مَرَنْد، وهي مدينة كبير استدارتها فرسخان، وفي داخلها بساتين كثيرة، فلم يقدر عليه حمدويه؛ لأنه احترز واحتاط، فبعث إليه المتوكِّلُ بغا الشرابي (٥) في أربعةِ آلاف مقاتل، فقطعوا ما حولَها من الأشجار، فبلغ ذلك مئتي ألف شجرة (٦)، ونصبوا عليها عشرين منجنيقًا، وفعلَ ابنُ البعيث كذلك، وكان عنده علوجٌ رُستاقية يرمونَ بالمقاليع، ولا يكادون يخطئون، فَقتلوا من عسكر المتوكِّل نحوًا من [مئة رجل، وجُرِح نحو من] (٧) أربع مئة رجل.

وطالَ الحصار عليه، فأرسلَ (٨) بُغَا الأمان له ولمن معه، وأن ينزلُوا على حكم أمير المؤمنين، فخاف إن ظفر بهم لم يبق منهم أحد (٩)، وخافَ أصحابه فنزلوا بالحبال


(١) كذا في (خ) و (ف)، ونسخة كما في هامش تاريخ الطبري ٩/ ١٦٤، ووقع في مطبوعه وفي الكامل ٧/ ٤١: يكدر.
(٢) في تاريخ الطبري ٩/ ١٦٤: خمسين فرسخًا.
(٣) كذا في (خ) و (ف) وفيه تحريف وخلل في الاختصار، وأنا أذكر لك العبارة كما أوردها الطبريُّ في تاريخه: والبحيرة قدر خمسين فرسخًا من حدِّ أرْمِية إلى رُسْتاق داخرقان بلاد محمد بن الرواد، وشاهي قلعة ابن البعيث حصينة يحيط بها ماءٌ قائمٌ ثَمَّ، يركب الناس من أطراف المراغة إلى أَرْمِية، وهي بحيرة لا سمك فيها ولا خير.
(٤) في تاريخ الطبري: فأقام يتردد بسامراء.
(٥) وبعث المتوكل قبله زيرك التركي؛ في مئتي ألف فارس، ثم عمرو بن سيسل في تسع مئة من الشاكرية، فلم يغنيا شيئًا.
(٦) في تاريخ الطبري: مئة ألف شجرة.
(٧) ما بين حاصرتين زيادة من تاريخ الطبري ٩/ ١٦٥.
(٨) بعدها في (خ) و (ف): إلى. وهي مقحمة؛ لأن بغا هو الذي أرسل الأمان لبعيث ومن معه.
(٩) كذا في (خ) و (ف)، وفي تاريخ الطبري: وإلا قاتلهم، فإن ظفر بهم لم يستبق منهم أحدًا.