للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستأمنين إلى بُغَا، وفتحوا بابَ المدينة، وهرب ابن البعيث، فأُدرِكَ وأُخِذ أسيرًا، وانتهبتْ منازلُه ومنازل أصحابه، وحُمِل إلى سامراء، فحبس بالمطبق، فيقال: إنه هلك فيه.

وفي روايةٍ أنَّ المتوكِّلَ بعث إلى ابن البعيث حمدويه وزيرك التركيّ (١)، فأقام هو وحمدويه يحاصرانه، ثم بعث المتوكل بغا، فنزل قريبًا من مَرَنْد في أربعة آلاف، وأرسلَ إلى ابن البعيث وأصحابه فأمَّنهم، وأن ينزلوا على حكم المتوكِّل، وإلَّا سار إليهم وقاتلَهم ولم يُبْقِ منهم أحدًا، فأجابُوه، وكتبَ إلى المتوكِّل أنَّ الفتحَ كان على يده.

وفيها خلعَ المتوكِّلُ على إسحاق بن إبراهيم بن مصعب والي بغداد، وعقدَ له لواءً عظيمًا، وخرجَ في موكبٍ عظيم، فقال قائلٌ: من هذا؟ فقالت امرأة كانت واقفةً: هذا سقطَ من عينِ الله فابتلاه بما ترون، فسأل عنها، فقيل: إنَّها أختُ بشر الحافي، أو من أهله (٢).

وفيها هبت سموم لم يعهد مثلها بأرض العراق، فأحرقت زرعَ أهل الكوفة والبصرة والأهواز وبغداد، وقتلت المسافرين في الطُّرق، ودامتْ نيِّفًا وخمسين يومًا، ثمَّ مضت إلى هَمَذَان، فأحرقت الزرع والمواشي وبني آدم، ثم جاءت إلى الموصل، وخرجت من (٣) برية (٤) سِنْجَار، فأقامتْ بالمَوْصل، فمنعت الناس من المعاشِ في الأسواق، والمشي في الأزقة، وأهلكتْ خلقًا عظيمًا (٥).

وفيها ضجَّ أهلُ بغداد من أصحابِ ابن أبي دؤاد، وقالوا: لا نرضَى بأحدٍ منهم، وكان القاضي عبيد الله بن أحمد من أصحابه، فعزله المتوكِّل، وولَّى عبد السلام بن عبد الرحمن بن صخر الوَابصي، من ولد وَابصةَ بن معبد، وكان قبل ذلك على قضاءِ


(١) في (خ) و (ف): ابن حمدويه زيرك. وانظر تاريخ الطبري ٩/ ١٦٥.
(٢) المنتظم ١١/ ٢٠٩.
(٣) في (خ) و (ف): إلى. والمثبت من (ب) والمنتظم ١١/ ٢٠٩.
(٤) كذا في (خ) و (ف) و (ب). وفي المنتظم: قرية.
(٥) بعدها في (ب): وحج بالناس محمد بن داود بن عيسى. السنة الخامسة والثلاثون بعد المئتين.