للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدٌ إلَّا قطعتَه، لأيِّ معنى؟! قال: لأنَّ معي ثلاث خصال أظهر بها (١) على خصمي، قالوا: وما هي؟ قال: أفرحُ إذا أصاب خصمي، وأحزنُ إذا أخطأ، وأحفظ نفسي لا تتجاهل عليه. فبلغَ ذلك الإمام أحمد [بن حنبل] رحمةُ الله عليه، [فقال: سبحان الله، ما أعقله من رجل.

هذه صورة ما ذكر الخطيب، رجع الحديث إلى "مناقب الأبرار" قال ابن خميس: عن أبي عبيد الله الخَوَّاص قال: فقام أحمد بن حنبل وجاء إلى حاتم، فدخل فسلّم عليه]، فردَّ وقال: يا أبا عبد الله، مجيئك إليَّ من الإيمان، فقال له [أحمد:] يا أبا عبد الرحمن، ما السلامة من الدنيا؟ قال: لا يسلمُ منها إلَّا من تركَها، [أو إلا بترك ما فيها]، وأن يغفرَ للقوم جهلَهم، ويكون آيسًا من خيرهم.

ثمَّ خرج حاتم إلى الحجّ، فلمَّا قضى مناسكه توجَّه إلى مدينة النبي ، فلمَّا دخلها [و] رأى القصور والبنيان، قال: أينَ [قصور] (٢) رسول الله [وقصور أهله وأصحابه]؟ قالوا: ما كانت لهم قصور، وإنَّما كانت بيوتُهم مبنيةً باللبن والقصب، فقال: هذه مدينة فرعون! فحملُوه إلى الوالي، وقالوا: إنه قال: كذا وكذا! فقال للوالي: سألتُهم عن قصورِ رسول الله ، قالوا: كذا وكذا، فقلت: كذا وكذا، والله تعالى يقول: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١]، فأنتم بمن تأسَّيتم، برسولِ الله ، أم بفرعون؟! ففهمَ الوالي قصدَه، فأطلقَه، وعرفَه الناسُ، فدخل مسجدَ رسول الله وجلس، [فقال علماء المدينة: تعالوا حتَّى نبكِّتَهُ، فاجتمعوا إليه، فقال له رجل منهم: مسألة، فقال: قل قال:] (٣) ما تقولُ في رجل قال: اللهمَّ ارزقني؟ قال حاتم: متى طلب [هذا] العبدُ من الله الرزق، في الوقت، أو قبله، أو بعده؟ فقالوا: بيِّن ما تقول، فقال: مثلُ العبدِ الَّذي يطلبُ الرزق من ربِّه كرجلٍ له على رجلٍ دينٌ، فطالبه به ولازمه، فقال له جيرانه: [إنَّ] هذا رجلٌ معسرٌ، فأجِّله حتَّى يحتال، فقال: كم مقدار ما أصبر عليه؟ قالوا: شهرًا، فأجَّله فلما مضى من الشهر


(١) في (خ) و (ف): أظهرها. وفي (ب): أظفر بها. والمثبت من تاريخ بغداد ٩/ ١٤٩.
(٢) في (خ) و (ف): قصر. وما بين حاصرتين من (ب).
(٣) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): فاجتمع إليه علماء المدينة، فقال له رجل منهم يريد تبكيته.