للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر طرف من أخباره:

قال علماء السير:] ولي يحيى القضاءَ بالبصرة وبغداد والكوفة وسَامرَّاء، وكان عالمًا فاضلًا [فطنًا]، عارفًا بالفقه، بصيرًا بالأحكام، ذا فنون من العلوم، عرف المأمونُ فضلَه، فلم يتقدَّمه عندَه أحد، فقلَّده القضاءَ، وتدبيرَ أمر المملكة، وكانت الوزراءُ لا تعملُ شيئًا في تدبير الملك إلَّا عن رأيه وبعد مطالعته، [ولم يغلب أحد على سلطانه في زمانه إلا يحيى وابنُ أبي دؤاد.] (١)

وقال الخطيب (٢): كان أحدَ أعلام الدنيا، ومن اشتُهِرَ أمرُه، وعُرِف خبرُه، ولم يستتر عن الكبير والصغير من الناس فضلُه وعلمُه، ورياستُه وسياستُه لأمره وأمرِ الخلفاء والملوك، واسعُ العلم والفقه، كثيرُ الأدب، حسنُ العارضة، قائمٌ بكلِّ مفضلة (٣)، أخذ بمجامع قلب المأمون، ففوَّضَ إليه أمرَ مملكتِه.

ولما ولَّاه قضاءَ البصرة وخرج إليها، تلقَّاه أهلُها، وكان صغيرًا فاحتقروه، فقالوا: كم سنُّ القاضي؟ قال: سن (٤) عَتَّاب بن أَسِيد (٥) لمَّا ولَّاه رسولُ الله مكَّة، وأنا أكبر من مُعاذ لمَّا بعثه رسولُ الله إلى اليمن، وأنا أكبرُ من كعب بن سُور لما بعثه عمر بن الخطاب رضوان الله عنه قاضيًا. وقيل: سنُّه دونَ العشرين سنة، فأقامَ سنةً لا يقبلُ بها شاهدًا، فتعطَّلت الأمور، فقيل له في ذلك، فأجازَ في يومٍ شهادةَ سبعين شاهدًا.

قال (٦) عليُّ بن المديني: خرجَ سفيان بن عيينة إلى أصحاب الحديث وهو ضَجِر، فقال: أليس من الشقاء أنْ أكونَ جالستُ ضَمْرة بن سعيد، وجالس ضمرةُ أبا سعيدٍ الخدريّ، وجالست ابن دينار، وجالسَ ابنَ عُمر، وجالستُ الزهريَّ، وجالس الزهريُّ


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) رواه الخطيب في تاريخه ١٦/ ٢٨٩ عن التنوخي عن طلحة بن محمد بن جعفر.
(٣) في تاريخ بغداد ١٦/ ٢٨٩: معضلة. ومن قوله: وقال الخطيب … إلى هنا ليس في (ب).
(٤) في (ف): تلقاه أهلها، فقال له بعض الناس: كم سنُّ القاضي -وكان صغيرًا- ففهم مراده، فقال: سني سن …
(٥) في تاريخ بغداد ١٦/ ٢٩١: أكبر من عتاب بن أسيد.
(٦) في (خ) و (ف): فقال.