للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنس بن مالك، وعدَّدَ جماعةً، ثم قال: وأنا أجالسُكم! فقال: والله لشقاءُ من جالسَ أصحابَ رسول الله أشدُّ من شقائك، فأطرقَ سفيان وتمثَّل: [من مجزوء الرمل]

خلِّ جنبيكَ لرامِ … وامضِ عنهم بسلام

مُتْ بداءِ الصمتِ خيرٌ … لكَ من داءِ الكلام (١)

ثم قال سفيان: من الحَدَث؟ قال: يحيى بن أكثم، فقال سفيان: هذا الغلامُ يصلحُ لصحبة هؤلاء، يعني السلطان (٢).

وقال محمد بن منصور وأحمد بن أبي دؤاد: كنَّا مع المأمون في طريق الشام، فأمرَ فنودِيَ بتحليلِ المتعة، فقال لنا يحيى بن أكثم: تدخلا غدًا عليه، فإنْ رأيتُما للقول وجهًا فقولا، وإلَّا فاسكتا إلى أنْ أدخل، فدخلا عليه وهو مغتاظٌ يقول: متعتان كانتا على عهد رسول الله وأبي بكرٍ (٣)، وأنا أنهى عنهما، ومن أنت يا أحول حتى تنهَى عمَّا فعله رسول الله ؟ قال: فأمسكنا، وجاء يحيى، فجلس وجلسنا، فقال المأمون ليحيى: ما لي أراك متغيِّرًا؟ قال: لما حدثَ في الإسلام، قال: وما حدث؟ قال: النداء بتحليل الزِّنا، [قال: الزنا؟!] (٤) قال: نعم، المتعَة زنا، قال: ومن أين لك هذا؟ قال: من كتاب الله وسنَّة رسوله ، قال الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)﴾ إلى قوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ يا أمير المؤمنين زوجةُ المتعة مِلكُ يمين؟ قال: لا، قال: فهي الزوجة التي عنى الله، ترثُ وتُورث، ويلحقُ بها الولد، ولها شرائطها؟ قال: [لا، قال:] فقد صار متجاوزُ هذين من العادين، وهذا الزهريُّ رَوى عن عبد الله والحسن (٥) ابني محمد بن الحنفية، عن أبيهما، عن أبيه عليِّ بن أبي طالب أنَّه قال: أمرَني رسولُ الله أن أناديَ بالنهي عن المتعة وتحريمها، بعد أن كان


(١) البيتان لأبي نواس. ديوانه ص ٥٨٧.
(٢) تاريخ بغداد ١٦/ ٢٨٣ - ٢٨٤.
(٣) بعدها في (خ) و (ف): وعمر. وهي خطأ، كما يدل عليه سياق الخبر، وكلامه التالي تعريض بسيدنا عمر بن الخطاب . انظر تاريخ بغداد ١٦/ ٢٩١ - ٢٩٢.
(٤) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد.
(٥) في (خ) و (ف) والمنتظم ١١/ ٣١٥: عبيد الله والحسين. وهو خطأ.