للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاضي أن يعرِّفَنا فضائلَ (١) الصلب، فخجلَ يحيى وقام، فعزلَه المأمون عن القضاء، وولَّاه قضاء البصرة والكوفة؛ ليبعده عنه.

وقال أبو العيناء: كنتُ في مجلس أبي عاصم النَّبيل، وفيه أبو بكر بن يحيى بن أكثم، فنازعَ أبو بكر غلامًا أمرد، فقال أبو عاصم: إن يسرق فقدْ سرقَ أبٌ له من قبل (٢).

وقال ابن عبد ربه صاحب "العقد": تعامل (٣) المأمون وعبد الله بنُ طاهر على يحيى حتى يسكروه، فغمز المأمون الساقي [فأسكره]، وكان بين أيديهم ردمٌ (٤) من الورد والرياحين، فشقُّوا له فيه لحدًا، وصيَّروه فيه، وأمر المأمون قينةً فغنَّته [هذه الأبيات:] [من البسيط]

ناديتُه وهو حيٌّ لا حَراك به … مكفنًا في ثيابٍ من رياحينِ

فقلت قم قال رجلي ما تطاوعُني … فقلتُ خذ قال كفِّي ما يواتيني

فانتبهَ يحيى على صوت العود ونغمة الجارية (٥)، فقال مجيبًا لها [هذه الأبيات:]

[من البسيط]

يا سيِّدي وأميرَ الناس كلِّهم … قد جارَ في حُكمه من كان يَسقينِي

إنِّي غفلتُ عن الساقي فصيَّرني … كما تراني سليبَ العقلِ والدينِ (٦)

لا أستطيعُ نهوضًا قد وَهى بدني … ولا أجيبُ المنادِي حين يدعونِي

كأنَّني ميِّتٌ صُيِّرت (٧) في جدثٍ … وسطَ الرياضِ دفينًا في الرياحين (٨)

قال المصنِّف : وهذه من هَنَاتِ صاحب العقد، فإنَّ ابنَ أكثم ما كان يعاشرُ المأمونَ إلَّا على الصلاح والديانة، وقد رأى المأمونُ غلامًا حدثًا فقال: ما تقولُ يا


(١) في (ب): فرائض.
(٢) تاريخ بغداد ١٦/ ٢٨٨ - ٢٨٩. ولم يرد الخبر في (ب).
(٣) كذا في (خ) و (ف) و (ب). وفي العقد الفريد ٦/ ٣٤٥: تغامر.
(٤) في العقد الفريد: رِزَم.
(٥) من قوله: فانتبه … إلى هنا ليس في (ب).
(٦) في (خ) و (ف): لا الدين. والمثبت من (ب) والعقد الفريد.
(٧) في (ب): قد صرت.
(٨) البيت الأخير ليس في العقد الفريد.