للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وذكر في "المناقب" أيضًا عن أحمد بن محمد السلمي قال:] (١) دخلت يومًا على ذي النون، فرأيتُ بين يديه النَّدَّ والعنبرَ يُسجَر في طَسْتٍ من ذهب، فقال [لي:] أنت ممَّن يدخلُ على الملوك في حال بسطهم؟ ثم رمى إليَّ بدرهمِ، فأنفقتُ منه إلى بلخ (٢).

[وحكى عن بكر بن عبد الرحمن قال:] (٣) خرجنا مع ذي النون إلى البادية، فنزلنا تحت شجرة أم غيلان، فقلنا: ما أحسنَ هذا المكان لو كان في هذه الشجرة رُطَبٌ، فتبسَّم ذو النون، وأشار إليها فحملت رُطَبًا، فأكلنا منه ونمنا، ثم انتبهنا فحرَّكناها، فتناثَر علينا الشوك (٤).

وقال نعمان بن موسى: اختصمَ اثنان، فكسرَ أحدُهما ثنيَّةَ الآخر، فتعلَّق به وقال: لا بدَّ من الوالي، فقيل لهما: ادخلا إلى ذي النون، فدخلا فأخذ السنَّ، وبلَّها بريقه، فتعلَّقت بإذن الله (٥).

وقال (٦) يوسف بن حسين الرازي: بلغَ المتوكِّلَ أنَّ ذا النون يتكلَّم في القدر، فكتبَ إلى عامر بن نصر أنْ يُشخِصَه إلى سامرَّاء مكبَّلًا بالحديد مقيَّدًا، ففعلَ العامل ما أمره به، فلمَّا دخلَ سامرَّاء على تلك الحال والناسُ يبكون حوله، وهو يقول: هذا من مواهبِ الله وعطاياه، وكل فعلٍ منه حسن، وينشد: [من الخفيف]

لكَ من قلبي المكانُ المصونُ … كلُّ لومٍ عليَّ فيك (٧) يهون

لك عزمٌ (٨) بأن أكون قتيلًا … فيك والصبرُ عنك ما لا يكون


(١) ما بين حاصرتين من (ب)، وفي (خ): وقال أحمد بن محمد السلمي.
(٢) مناقب الأبرار ١/ ٩٥، ومختصر تاريخ دمشق ٨/ ٢٤٩.
(٣) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ): وقال بكر بن عبد الرحمن، وفي مناقب الأبرار ١/ ٩٦: أبو بكر بن عبد الرحمن.
(٤) انظر الرسالة القشيرية ص ٥٣٩ - ٥٤٠.
(٥) انظر تاريخ دمشق ٦/ ١٥١ (مخطوط).
(٦) من هنا إلى قوله: يرجعك الله سالمًا. ليس في (ب).
(٧) في (خ): فيه. والمثبت من وفيات الأعيان ١/ ٣١٦، ومختصر تاريخ دمشق ٨/ ٢٥٠، وطبقات الأولياء ص ٢٢٢.
(٨) في مختصر تاريخ دمشق: غُرْمٌ.