للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما سراريه فكانَ له خمسة آلاف سُرِّيَّة، فيقال: إنَّه وَطِئ الجميع، وكان أبو عبّاد يقول: أحلفُ بالله، لو لم يقتل المتوكِّلُ لما عاش من كثرةِ جماعه، كان يصب في أذنه أوقية دهن بنفسج، فلا يبين فيها، وكانت أعضاؤه قد يبست، فأمر أن يجعل له الزئبق في زِقاقٍ ويُملأ منها بركة، ويُفرش له فوقها، وكان يكفيه في وقت الجماع تحريكُ ذلك الزئبق، ولا يتحرك بنفسه.

[قلت: وأيُّ لذةٍ في هذا إذا لم يكن الباعث قويًّا من نفسه وذاته، وأنَّه هو الذي يتولَّى ذلك بنفسه.]

ولم يكن عنده أحظى من قبيحة أم المعتزّ، وله فيها أشعار، منها: [من السريع]

إنسانةٌ كالشمس هيفانة … أحسِبُها ليست من الإنسِ

مليحةُ الشكل غلاميَّة … أحسنُ في الحسن من الشمسِ

[وبدر منها أمورٌ كاسمها، وأهينت هوانًا عظيمًا، وسنذكرها في ترجمة المعتز] (١).

وكان للمتوكِّل (٢) جارية اسمها محبوبة، وكان يجدُ بها وَجدًا شديدًا، وكانت من الأدب والإحسان في الغناء على غاية، وكانت تحبُّه حبًّا شديدًا، وتفرَّقَ الجواري إلى القُوَّاد، فصارت إلى وصيف التركي، فجلس يومًا للشراب، وأحضر الجواري اللاتي كنَّ للمتوكل في الحليّ والحُلَل، وأحضرَ محبوبة، فجاءت وعليها ثوب من قطن أبيض خشن، ومِعْجَر أبيض، وهي باكية، فقال وصيف للجواري: غنين، فغنينَ وطربن وضحكن، وأومأ إلى محبوبة بالغناء، فقالت: إنْ رأى الأمير أن يعفيني، [فإنِّي حزينة] فأبى، وقلن لها الجواري: لو كان في الحزن فرجٌ لحزنَّا معك، وجيء بعود فوضعَ في حجرها، فأنشأت تقول: [من مجزوء الخفيف]


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) بعدها في (ب): أنبأنا عبد العزيز بن ( … ) بإسناده عن أبي العباس المروزي قال أخبرني (بعض أهل الأدب أنه) كان للمتوكل جاربة يجد …
وما بين قوسين غير واضح في المخطوطة وقد أصابها في الوسط رطوبة فطمست الكلمات، وتبينت بعضها من المنتظم ١١/ ٣٦٠.