للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعاشت بلادهم، فنقضوا العهد ولم ينزعوا عن كفرهم. فلما رأى إلياس ذلك سأل الله أن يريحه منهم، فأوحى الله إليه: إذا كان يوم كذا وكذا فاخرج إلى موضع كذا وكذا، فما جاءك من شيء فاركبه. فخرج إلياس ومعه اليسع بن أخطوب إلى المكان الذي عيَّن له، وإذا بفرسٍ من نار قد أقبل حتى وقف بين يديه، فوثب إلياس عليه فانطلق به الفرس، فناداه اليسع: يا إلياس، ما تأمرني؟ فألقى إليه كساءَهُ من الجوِّ الأعلى، وكان ذلك علامةَ استخلافه على بني إسرائيل، فكان ذلك آخرَ العهد به.

ثم إنَّ الله قطع عنه لذة المطعم والمشرب وكساه الريش فكان إنسيًا ملكيًا أرضيًا سماويًا، وسلَّط الله على أخب وامرأته وقومه عدوًا لهم، فقصدهم من حيث لا يشعرون فرهقهم، فقتل أخب وامرأته في جنينة مرزكي، وبقيا حتى بليت لحومهما ورمَّت عظامهما، وبقيا ملقيين في الجنينة. ونبَّأ اللهُ اليسع وبعثه رسولًا إلى بني إسرائيل، وأوحى الله إليه فآمنوا به وكانوا ينتهون إلى أمره، وحكمُهُ فيهم نافذٌ إلى حين فارقهم اليسع. هذا ما ذكره أبو إسحاق الثعلبي، واختصرت البعض (١).

وذكر أبو القاسم في "تاريخ دمشق": أن إلياس اختفى من الكفار في المغارة التي بجبل قاسيون في دمشق عشر سنين حتى هلك الملك ووليهم غيره، فأتاه إلياس فعرض عليه الإسلام فأسلم (٢).

قلت (٣): وبجبل لبنان مكان يقال له: قب إلياس، يقال: إن إلياس كان يأوي إليه مدة أربع سنين أو سبع سنين.

وقال أبو إسحاق الثعلبي بإسناده عن زيد مولى عون الطفاوي (٤) عن رجل من أهل عسقلان كان يمشي بالأردُنِّ عند نصف النهار فرأى رجلًا فقال: يا عبد الله، من أنت؟ قال: فلم يكلمني، فقلت: يا عبد الله، مَن أنت؟ قال: أنا إلياس، قال: فوقعت عليَّ رعدة فقلت: ادعُ الله يذهب عني ما أجد حتى أفهم حديثك وأعقل عنك، فدعا لي


(١) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٥٥ - ٢٦٢.
(٢) "تاريخ دمشق" ٣/ ٨١.
(٣) في (ب): وقال ابن عساكر … قال المصنف .
(٤) في تاريخ دمشق ٣/ ٨٦، والمنتظم ١/ ٣٦٢: داود بن يحيى مولى عون الطفاوي.