للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحابه وهم على الباب، فصاحوا صيحةً واحدةً، واخترطُوا السيوفَ، ودخلُوا على المعتزّ، فلمَّا رآهم قام فدخل، وأخذ صالح أحمد بن إسرائيل ومن سمَّينا، فقال له المعتز: هب لي أحمد، فقد ربَّاني وهو كاتبي، فلم يفعل، وأخذهم إلى داره، فضرب ابن إسرائيل حتى تكسَّرت أسنانُه، وضرب ابن مخلد مئة مقرعة، وكان عيسى بن إبراهيم قد احتجم، فضُرب حتى سالت محاجمُه، وأخذَ خطوطهم بمال جليل، وجُعِل في رِجْل كلِّ واحدٍ منهم ثلاثون رطلًا من حديد، وفي عنقه عشرون رطلًا، وطولبوا بالأموال، فلم يُجب واحدٌ منهم إلى شيء، فبعث صالح في قبض ضياعهم وأسبابهم (١).

ولليلتين مضتا من رجب ظهرَ بالكوفة عيسى بن جعفر، وعليّ بن زيد الحسنيّان، فقتلا بها عبدَ الله بن محمد بن داود بن عيسى (٢).

ولثلاثٍ بقين من رجب خُلِع المعتز.

وسببُه أنَّ هؤلاء الكتاب لمَّا لم يقرُّوا بشيءٍ، صار جماعة من الأتراك إلى المعتز، وقالوا: أعطنا أرزاقَنا لنقتلَ صالحَ بن وصيف، فأرسلَ إلى أمِّه يطلبُ مالًا، فلم تعطه شيئًا، وليس في بيوت الأموال شيء، فحينئذٍ أجمعَ الأتراكُ والمغاربةُ والفراغنةُ في خلعه، ووافقَ في ذلك صالح بن وصيف، وباكباك، ومحمد بن بُغا وغيرهم، فلبسوا السلاح، وجاؤوا إلى دار المعتزِّ، وهو في بعض حجره، فبعثوا إليه: اخرج إلينا، فقال: قد شربتُ دواءً، وأنا ضعيف، فإن كان ولا بد، فابعثُوا إليَّ من يُعلِمني بأمركم، فهجم عليه جماعةٌ منهم، وجماعةٌ من أهل الدُّور والكَرْخ والقُوَّاد، فجرُّوا برجلِه إلى باب الحجرة، وتناولوه بالضرب بالدبابيس، فخرج وقميصه مخرَّن في مواضع، وآثارُ الدم في منكبيه، فأقاموه في الشمس في الدار في شدة الحرّ، فبقيَ يرفعُ قدمًا ويضع أخرى، ثمَّ جعلوا يلطمونَه في وجهه، وهو يتَّقي بيده، ويقولون: اخلعْها، ثمَّ حبسوه في حجرة، وبعثُوا إلى القاضي ابن أبي الشوارب، فأحضروه مع جماعةٍ من أصحابه، فقال له صالح بن وصيف: اكتبْ كتاب خَلع، فقال: لا أحسنه، وكان معه رجلٌ


(١) تاريخ الطبري ٩/ ٣٨٧ - ٣٨٨.
(٢) تاريخ الطبري ٩/ ٣٨٨.