للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان معه، ففتحه، وأخرج منه كلبًا ذئبيًّا (١)، ثمَّ ركبوا دوابَّهم عُرَاة (٢)، ورماحُهم بأيديهم، وكان عليٌّ قد عبَّأ صفوفَه على الممرِّ بين الجبل والكرّ، وهم يرون أنَّه لا سبيلَ ليعقوب (٣) إلَّا من هناك، وقد سجنوه، ثم أطرق (٤) أصحاب يعقوب الكلبَ في الكر، وأصحابُ عليٍّ ينظرونَ ويضحكون، وسبحَ الكلبُ في الماء، وتبعَه أصحابُ يعقوب، فجازوا الكرّ، وجاء أصحابُ يعقوب من وراء الكر (٥)، فانهزَم عليُّ بن الحسين وأصحابه، وعملَ فيهم السيف، وقصدوا كرمان (٦)، وعثرت بعليِّ بن الحسين دابَّتُه، فسقطَ، فوضع بعضُ الغلمان عمامتَه في عنقه، وسحبه إلى بين يدي يعقوب، فقيَّدهُ وحبَسهُ، ودخل يعقوب إلى شيراز، ونهب أصحابُه دارَ عليٍّ ودورَ أصحابه، وجمع يعقوب الغنائمَ وأموال الخراج، وعاد إلى سجستان، ومعه علي بن الحسين مقيَّدًا.

وبعث يعقوب إلى المعتزِّ بخيلٍ وبُزَاة ومسك وهدايا.

وفيها ولَّى المعتزُّ سليمانَ بن عبد الله بن طاهر شرطةَ بغداد والسواد في ربيع الآخر، وكان قدم من خراسان يوم الخميس لثمان خلون من ربيع (٧).

وفيها أخذ صالح بن وصيف أحمد بن إسرائيل، والحسن بن مَخْلَد، وأبا نوح عيسى بن إبراهيم، فقيَّدهم، وطالبَهم بالأموال، وهؤلاء هم كتاب المعتزِّ وخاصَّتُه.

وسببُ ذلك أنَّ صالح بن وصيف قال للمعتز: يا أمير المؤمنين، ليس للأتراك (٨) عطاء، ولا في بيت المال مال، وقد ذهب ابنُ إسرائيل وأصحابُه بأموال الدنيا، فقال له أحمد: يا عاصي يا ابنَ العاصي، وتراجعا الكلام حتى وقعَ صالح مغشيًّا عليه وبلغ


(١) في (خ) و (ف): ذهبا. والمثبت من تاريخ الطبري.
(٢) في تاريخ الطبري: أعراء.
والعُرِي: الفرس بلا سرج، وجمعه أعراء. انظر تاج العروس (عرى).
(٣) في (خ) و (ف): إلى يعقوب. والتصويب من تاريخ الطبري.
(٤) كذا في (خ) و (ف). والمراد أنهم رموا الكلب في الماء، انظر تاريخ الطبري ٩/ ٣٨٦.
(٥) في تاريخ الطبري: من وراء أصحاب علي بن الحسين.
(٦) في تاريخ الطبري: شيراز.
(٧) أي: ربيع الأول. كما في تاريخ الطبري ٩/ ٣٨٧.
(٨) في (خ) و (ف): ليس له عليك. تحريف.