للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان قتلُه يومَ الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب (١). وقيل: لأربعٍ وعشرين ليلة خلت منه. وقيل: يوم الخميس الثاني عشر منه.

وكانت خلافتُه أحدَ عشر شهرًا وستَّة عشر يومًا. وقيل: وسبعة أيام.

وكان موصوفًا بالزهد والعقل والعدلِ، متحريًّا سيرةَ عمر بن عبد العزيز، ونقشُ خاتمه: محمدٌ أمير المؤمنين، وهو رابعُ خليفةٍ خلِع، وخامسُ خليفةٍ قُتِل من بني العبَّاس.

وقال أحمد بن سعيد الأموي: كان في حلقة بمكَّة في المسجد الحرام، أقرِئ فيها النحو واللغةَ والعروض، وقد علتْ أصواتُنا، فوقف علينا مجنونٌ، فنظرَ إلينا وقال: [من الطويل]

أما تستحونَ الله يا معدِنَ الجهل … شُغِلْتم بذا والناس في أعظمِ الشغلِ

إمامُكم أضحَى قتيلًا مجدَّلًا … وقد أصبحَ الإسلامُ مُفْتَرِقَ الشَّملِ

وأنتم على الأشعارِ والنحو عُكَّفًا … تصيحونَ بالأصواتِ لستم ذوي عقل

فتفرَّقنا وقد أفزعَنَا ما ذكرهُ المجنون، وحفظنا الأبيات، وأَخْبَرنَا إسماعيلَ بن المتوكل، وكان قد نفاهُ صالحُ بن وصيف إلى مكَّة ومعه قبيحة، فحدَّث بذلك قبيحة أمَّ المعتز، فقالت: أرِّخوا هذا اليوم، واطووه عن العامَّةِ، فلهذا نبأ، فوصل الخبرُ في اليوم الخامس عشر إلى مكة بقتل المهتدي (٢).

ذكر أولاده:

كان للمهتدي سبعة عشرة ذكرًا وست بنات، وأولادُه أعيانُ أهل بغداد، وهم الخطباء بالجوامع، ومنهم عدول، ولم يبقَ ببغداد من أولادِ الخلفاء أكثرَ من ولده.

ذكر وزرائه وقضاته:

وزرَ له أبو أيوب سليمان بن وهب، وجعفر بن محمد، ثمَّ صرفه، وقلَّدها عبدَ الله بن محمد بن يَزْداد، فلما قُتِل المهتدي قُبِضَ على عبد الله بن يزداد وسَلِّمَة إلى الحسن بن مخلد، ثمَّ نفي إلى الأهواز، واستترَ سليمانُ بن وهب.


(١) تاريخ بغداد ٤/ ٥٥٨.
(٢) تاريخ بغداد ٤/ ٥٥٧ - ٥٥٨، والمنتظم ١٢/ ١٢٠.