للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقاؤكَ فينا نعمةُ الله عندنا … فنحنُ بأوفى شُكرِها نستديمُها

من أبيات (١)

ذكر مقتله:

اختلفوا في صفةِ هلاكه، وقد ذكرنَا بعض الأقوال.

قال الصوليّ: لمَّا ظفروا به قالوا: اخلع نفسك، فامتنع، فقالوا: إننا بايعناكَ على أنَّك متى مالأتَ علينا أحدًا وجبَ خلعُك، وقد قتلتَ رئيسنا باكباك من غير ذنبٍ، وضربوه، فخَلَعَ نفسه، وحبسُوه في مكانٍ ضيِّقٍ، فماتَ في الليل من جراحاتٍ كانت به، فأخرجوه ميتًا، فصلَّى عليه جعفرُ بن عبد الواحد القاضي، ودُفِنَ إلى جانب المعتزِّ والمنتصر.

وقيل: لما امتنع من الخلعِ عذَّبوه، وخلعُوا أصابع يديه ورجليه من كفيه وقدميه، فتورَّمت يداه ورجلاه فمات (٢).

وقيل: لمَّا أحاط به عسكرُ باكباك انهزمَ إلى سامرَّاء يستغيث ولا مُغيثَ له، ثم وعظَ الناس، فانقادوا إليه، فقال لهم أحمد بن ثَوابة الكاتب (٣): إنَّما يقولُ هذا بلسانه، ولو تفرَّغ لبدَّد شملَكم، فمالوا عليه بالخناجر، فأوَّلُ من جاءه بخنجر ابن باكباك (٤)، وكان سكرانًا، فنَدَرَ الدمُ، فأقبلَ يمصُّ دمَه حتى رَوي، وقال: قد رَويتُ من دمه كما رَويتُ من الخمر، ومات، فلمَّا رأوه ميتًا قتيلًا قعدوا يبكُون عليه، وندموا على قتله، وكان قد تمكَّن له في قلوب الموالي هيبةٌ عظيمةٌ، فلمَّا جاهرَهم بالقتل قتلوه.

وآخر ما سُمِع منه: [من الطويل]

أَهُمُّ بأمر العزمِ لو أستطيعه … وقد حيلَ بين العَيرِ والنَّزَوانِ (٥)


(١) ديوان البحتري ٣/ ٢٠١٩ - ٢٠٢٢.
(٢) تاريخ الطبري ٩/ ٤٦٨.
(٣) ذكر في مروج الذهب ٨/ ١٠ أن القائل سليمان بن وهب الكاتب، وقيل غيره.
(٤) في مروج الذهب ٨/ ١١: ابن عم لباكيال (كذا).
(٥) تاريخ الطبري ٩/ ٤٦٩. والبيت لصخر بن عمرو بن الشريد. انظر الأصمعيات ص ١٤٦.