للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نستقبل وليًّا من أولياء الله تعالى، فقمنا، وإذا بإبراهيم بن شَيبة الهَرَويّ (١) قد أقبل، فقال أبو يزيد: وقع في خاطري أن أستقبلك، وأشفع لك إلى ربِّي، فقال له إبراهيم: لو شفَّعَك في جميع الخلائق لم يكن عجبًا، إنَّما هم قطعة من طين. فتحيَّر أبو يزيد من جوابه.

[ذكر المختار من كلامه:

قال أبو نعيم بإسناده عن إبراهيم الهَرَويِّ يقول: سمعت أبا يزيد يقول:] غلطتُ في ابتداء أمري في أربعة أشياء؛ توهَّمتُ أنِّي أذكرُه وأعرفُه وأحبُّه وأطلبُه، فلمَّا انتهيتُ رأيتُ ذكرَه سبق ذكري، ومحبَّته سبقت محبَّتي، ومعرفتَه سبقت معرفتي، وطلبَه سبق طلبي (٢).

[وقال إبراهيم: وسمعته يقول:] (٣) عملتُ في المجاهدة ثلاثين سنة، فما وجدتُ شيئًا أشدَّ عليّ من العلم ومتابعته، ولولا اختلاف العلماء لبقيتُ متحيِّرًا، واختلافُهم رحمةٌ إلَّا في تجريدِ التوحيد (٤).

[قال:] وسئل [أبو يزيد:] ما علامةُ العارف؟ فقال: لا يفترُ من ذِكره، ولا يملُّ من حقِّه، ولا يستأنس بغيره.

وقال: إنَّ الله تعالى أمرَ العباد ونهاهم، فأطاعوه، فخلَعَ عليهم من خِلَعه، فاشتغلوا (٥) بالخلع عنه، وإنِّي لا أريدُ من الله إلا الله تعالى.

[وقد حكينا عن أحمد بن خضرويه أنَّه قال:] (٦) رأيتُ ربَّ العزَّةِ في المنام، فقال لي: يا أحمد، كلُّ الناس يطلبون منِّي إلَّا أبا يزيد، فإنَّه يطلبُني (٧).

وقال: لو صفتْ لي تهليلةٌ ما باليتُ بعدَها بشيء.


(١) في (خ) و (ف): العدوي. والمثبت من (ب)، ومناقب الأبرار ١/ ١٩٤، والرسالة القشيرية ص ٥٥١.
(٢) حلية الأولياء ١٠/ ٣٤، وانظر مناقب الأبرار ١/ ١٨٨.
(٣) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال.
(٤) طبقات الصوفية ص ٧٠، وحلية الأولياء ١٠/ ٣٦، ومناقب الأبرار ١/ ١٨٧ - ١٨٨، وصفة الصفوة ٤/ ١٠٧ - ١٠٨.
(٥) في (ب): فاستغنوا. والمثبت موافق لما في مناقب الأبرار ١/ ١٨٨، وصفة الصفوة ٤/ ١٠٨.
(٦) ما بين حاصرتين عن (ب). وفي (خ) و (ف): وقال أحمد بن حضرويه.
(٧) صفة الصفوة ٤/ ١١٣.