للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإمامُ أحمد (١).

وكان محمدُ بن يحيى الذُّهْليّ يكرهُ مسلمًا لميلِه إلى البخاريّ، قال الحافظ محمَّد بن يعقوب: لمَّا صنَّف مسلمٌ كتاب "الصحيح" دخل على محمَّد بن يحيى الذُّهْلي، فوضعه بين يديه، فقال له: ما هذا؟ قال: "الصحيح"، قال: وكم فيه حديث؟ قال: عشرةُ آلاف حديث، قال: اقتفيتُ أنا ومحمد بن إسماعيل أحاديثَ رسول الله ألفا ألف حديث، ما صحَّ منها سوى عشرة آلاف حديث، فيقال: إنَّ محمدًا ألقاه في بركةٍ بين يديه (٢).

ولمَّا استوطن البخاريُّ نَيسابور، ووقعَ بينه وبين محمد بن يحيى الذُّهْلِي في مسألة اللفظ، ونادى عليه، ومنعَ الناس عنه، لم ينقطع مسلمٌ عن البخاريّ، ولزمَه، فحضرَ مسلمٌ يومًا عند محمد بن يحيى فقال: من قال بأنَّ لفظي بالقرآن مخلوقٌ فلا يقربنَّ مجلسَنا، وكان مسلم يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، ولا يخفيه، فأقامَه محمدٌ من مجلسه، فمضى مسلمٌ إلى منزله (٣)، وجمع جميع ما سمعَ من محمد بن يحيى، وبعثَ به على ظهر حَمَّالٍ إلى باب محمد بن يحيى، فألقَاه ومضى.

ذكر وفاته:

اتَّفقوا على أنه ماتَ في رجب سنة إحدى وستين ومئتين، ودُفن بنَيسابور في ميدان زياد.

وقال أحمد بن سلمة: عُقِد لمسلم مجلس المذاكرة، فذكر له حديثٌ لم يعرفه،


(١) نقل تضعيفه العراقي في المغني عن حمل الأسفار ٤/ ٣١٢ ونصه: ما زلت له منكرًا. اهـ. ونقل العراقي أيضًا قول ابن خزيمة في الحديث: في القلب من صحة إسناده شيء.
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢١٣٩٢) وبعده: يعني على طريق الإيجاب.
قال محققو المسند وقوله في آخر الحديث: يعني على طريق الإيجاب، يظهر أنه من كلام عبد الله بن أحمد أو من كلام الإمام أحمد، وحينئذٍ تُقرأ الكلمة: نورانيّ أراه.
ثم نقلوا عن ابن تيمية تصريحه بأنَّه تصحيف، وانظر شرح صحيح مسلم للنووي ٣/ ١٢، ومجموع الفتاوى لابن تيمية ٦/ ٥٠٧ - ٥٠٨.
وينظر حديث مسلم الذي بعده برقم (١٧٨): (٢٩٢)، ولفظه: "رأيت نورًا".
(٢) كذا وقع الخبر في (خ) و (ف)، ولم أقف عليه فيما بين يدي من المصادر.
(٣) في تاريخ بغداد ١٥/ ١٢٥، وتاريخ دمشق ٦٧/ ٢١٩ (طبعة مجمع اللغة) أن مسلمًا لما سمع قول يحيى أخذ الرداء فوق عمامته، وقام على رؤوس الناس وخرج من مجلسه.