للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّاج، واستباح ماله، وذلك يوم التَّروية.

وفيها دخل أصحاب قائد الزَّنج رامَهُرْمُز، فاستباحوها.

وفيها كانت لأكراد الدَّاربان (١) وقعةٌ مع الزَّنج عظيمة، ظهر الزَّنج على الأكراد في أوَّلها، وكان قائدَ الزَّنج عليُّ بنُ أبان، وكان الأكراد بمكان يقال له: الدَّاربان قريبًا من رامَهُرْمُز، وكان ابن أبان لمَّا دخل رامَهُرْمُز صالحه محمَّد بن عبيد الله بن أزامَرْد (٢) على ثمانين ألف درهم؛ على أن يكفَّ عنه، وأن يكونَ عند عليِّ بن أبان عسكر من محمَّد، فأجابه، فلمَّا قصد ابنُ أبان الأكرادَ طلب من محمَّد جندًا، فبعث له، فلمَّا قصد ابن أبان الأكراد خذله أصحابُ محمَّد، فانهزم الزَّنج، وعمل فيهم السَّيف فقُتِل أكثرُهم.

وكتب الخبيث إلى محمَّد يقول: قد علمت أنَّ الذي جرى على أصحابي إنَّما كنتَ سبَبَه، وتهدَّده، فخاف محمَّد منه، فبعث إليه بخيل وعدَّة، وكتب يعتذر ويتضرَّع للخبيث، وكاتب أصحابَ الخبيث وأهدى لهم؛ مثل: عليٍّ بن أبان وبَهْبُوذ والكِرْماني وغيرهم، فكلَّموا الخبيث فيه فقال: لا أرضى عنه حتَّى يخطب لي على منابرِ أعماله، فكتبوا إليه فطاولهم، وكان مقيمًا بمكانٍ يقال له: مَتُّوث، من كُوَر الأهواز، فقصده عليُّ بن أبان ومعه المجانيق والسَّلالم.

وكان أبو أحمد قد قدَّم في مقدمته إلى الزَّنجي مَسْرورًا البَلْخيَّ، فصار يقصد الأهواز، ولم يعلم بحصار الخبيث وعليِّ بن أبان محمدٌ، فوافاهم وهم يقاتلون، فلمَّا رأوا أوائل خيلِ مَسْرور انهزم عليُّ بن أبان أقبح هزيمة، وترك ما كان معه من الآلات، فقتل منهم مسرورٌ جمعًا كثيرًا وأسر، وبعث بالرؤوس إلى الموفَّق، وشاعت الأخبار بوصول الموفَّق إلى قتال الزَّنج، فطابت قلوب الناس واطمأنُّوا، وقيل: إنَّما شاعت الأخبار بوصول المعتمد.

وحجَّ بالنَّاس هارون بن محمد الذي حجَّ بهم في السَّنة الماضية (٣).


(١) في (ف): الداربار، والمثبت من "تاريخ الطبري" ٩/ ٥٥٤ - ٥٥٥، وفي "الكامل" ٧/ ٣٣١: الدارنان.
(٢) في "تاريخ الطبري" ٩/ ٥٥٥: أزارمرد.
(٣) "تاريخ الطبري " ٩/ ٥٥٥ - ٥٥٦.