للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مجاهد: بنى داود بيتًا للعبادة بأُورِي شَلِم، وهو موضع محراب داود بالبيت المقدَّس.

وذكر أبو نعيم الحافظ بإسناده عن وهب بن منبّه قال: أوحى الله إلى داود: هل تدري من الذي أغفر له ذنوبه من عبادي؟ قال: مَن هو يا ربِّ؟ قال: الذي إذا ذكر ذنوبه ارتعدت فرائصه، فذلك الذي آمر ملائكتي أن تصلي عليه (١). فقال داود: يا ربِّ أين أجدك؟ قال: عند المنكسرة قلوبهم من أجلي أو مخافتي (٢).

وقال السُّدي وحكاه الثعلبي عن ابن عباس، قال: كان السبب في عِظَمِ داود في أعين بني إسرائيل أن رجلًا استعدى على عظيم من عظمائهم إلى داود وقال: هذا غصبني بقرتي، فسأله داود فأنكر، وسأل الآخر البيِّنة فلم تكن لديه بيِّنة، فأوحى الله إليه أن اقتل المنكر، وكان ذلك في المنام، فقال: هذا منام ولست أعجل، فأري في منامه ذلك ثانيًا وثالثًا: اقتله وإلا نزلت العقوبة، فأحضر داود الرجل وقال له: إنَّ الله أمرني بقتلك، فقال: كيف، بمنام؟ قال: لا بل بوحي صادق، فقال: لا تفعل، فقال: والله لأُنفِذَنَّ أَمرَ الله فيك، فلما تيقَّن أنه قاتله قال: لا تعجل حتى أخبرك، والله ما اغتصبت له بقرةً ولكنني اغتلتُ أباه فقتلته، فقتله داود، فازدادت هيبته في عيون بني إسرائيل (٣).

وقال ابن عباس: ما كنتُ أعلمُ ما الإشراق في قصة داود إلا من أم هانئ فإنها قالت: هي صلاة الضحى. وكان ابن عباس يصلي الضحى (٤).

واختلفوا في فصل الخطاب على أقوال؛ قد ذكرنا قولين، قال ابن عباس: هو تبيان الكلام. وقال ابن مسعود: هو علم الحكم بالقضاء. وقال كعب: الشهود والأيمان (٥).


(١) "الحلية" ٤/ ٣٢. وانظر "صفة الصفوة" ٢/ ٢٩٣.
(٢) "الحلية" ٤/ ٤١. وانظر "صفة الصفوة" ٢/ ٢٩١.
(٣) في (ط): فقال كيف قال بمنام، والمثبت من (ب)، وانظر عَرائس المجالس ٢٨٠ - ٢٨١، وتفسير الثعلي ٥/ ٢٥٣.
(٤) أخرجه الطبري في تفسيره ٢٠/ ٤٤، والحاكم ٤/ ٥٣، والثعلبي في تفسيره ٨/ ١٨٣، وهذا السياق في المطبوع والمخطوط مضطرب.
(٥) ورد هذان القولان في "ب" قبل ذكر عبادته وصيامه، وانظر "عرائس المجالس" ص ٢٧٩.