كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان

السنة السبعون بعد المئتين - علي بن محمد - ج: 16 - ص: 94

وصبيٍّ وذَكَرٍ وأنثى، وقتل في يوم واحد بالبصرة ثلاثة مئة ألف، واستأمن من أصحابه خمسة عشر ألفًا (١).

وكان له مِنبرٌ في مدينته، يصعد عليه، ويسبُّ عثمانَ وعليًّا ومعاويةَ وطلحة والزُّبير وعائشة ﵃، وهذا رأيُ الخوارج الأَزَارِقة، وكان ينادى على الجارية من ولد الحسن والحسين ﵃، أو بني هاشم العبَّاسيِّين وغيرهم بدرهمين أو ثلاثة، وينادى عليها في عسكره بنَسَبها: هذه فلانة بنتُ فلان بنِ فلان، وكان عند كلِّ واحد من الزَّنج من العلويَّات العشرةُ والعشرون يطؤهُنَّ، وتخدمن نساءَ الزَّنج مثل الوصائف (٢).

واستغاثت إليه يومًا ربقة (٣) من ولد الحسين ﵇ ما تلقاه من بعض الزَّنج، وسألته أن ينقلها إلى غيره، فأسمعها كلامًا فاحشًا، وذكر فاطمةَ ﵍ بنتَ رسول الله ﷺ.

وأكثر الشُّعراء في مقتله ومدْحِ الموفَّق، فقال يحيى بن محمد الأسلميُّ: [من الطويل]

أقولُ وقد جاء البشيرُ بوَقْعةٍ … أعزَّتْ من الإسلام ما كان واهيا

جزى الله خيرَ النَّاس للنَّاسِ بعدما … أُبيح حِماهم خيرَ ما كان جازيا

تفرَّد إذ لم ينصر اللهَ ناصرٌ … بتجديدِ دينٍ كان أصبح باليا

وتشييدِ مُلْكٍ قَدْ وَهَى بعد عزِّه … وإدراكِ ثاراتٍ تُبير الأعاديا

وتَرجِعَ أمصارٌ أُبيحتْ وأُحرقتْ … مِرارًا فقد أمستْ قواءً عَوافيا

وتُشفَى صدورُ المؤمنين بوَقْعةٍ … تَقَرُّ بها منَّا العيونُ البواكيا

وأعرض عن أحبابه ونعيمِهِ … وعن لذَّةِ الدُّنيا وأقبلَ غازيا

من أبيات طويلة.

وقال أيضًا: [من السريع]

---

(١) "المنتظم" ١٢/ ٢٣٥.
(٢) "تاريخ الإسلام ٦/ ٢٥٦، والوصائف: جمع وصيف، وهو الخادم غلامًا كان أو جارية. "اللسان": (وصف).
(٣) كذا في (خ) و (ف). وهي بمعنى رقيقة.