للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وحكى عنه في "المناقب" أيضًا قال:] كان لأبي سعيد ابنٌ فمات قبله، فرآه أبو سعيد في المنام، فقال له: يا بُنيَّ، أوصني، فقال: يا أبتِ، لا تجعل بينك وبين الله قميصًا، فما لبس أبو سعيد قميصًا ثلاثين سنة (١).

[ذكر المختار] من كلامه:

[روى الخطيب (٢) أنَّه قال:] إذا بكى الخائفون فقد كاتبوا اللهَ بدموعهم وفي رواية: إذا بكت أعينُ الخائفين .. وذكره].

[وروى الخطيب (٣) عنه أنَّه] قال: ذنوب المقرَّبين حسنات الأبرار.

وقال: العافية سترت البَرَّ والفاجرَ، فإذا جاءت البلوى تبيَّن عندها الرِّجال (٤).

وقال (٥): بقيتُ إحدى عشرة سنة أتردَّد من مكَّة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة؛ أريد أن أحجَّ حجَّة أرى فيها ربَّ البيت ولا أرى البيت، فما صحَّ لي، فلمَّا كان بعد إحدى عشرة سنة وأنا بين مكَّة والمدينة وإذا بشخص قد تراءى لي من الجنِّ، فناداني: يا أبا سعيد، قد والله رحمتُك من كثرة تردُّدك في هذا الموضع، وقد حَضرني شيءٌ فاسمع، فقلتُ: هات، فقال: [من الطويل]

أتيهُ فلا أدري من التِّيه مَن أنا … سوى ما يقول النَّاس فيَّ وفي جنسي

أتيه على جنِّ البلاد وإنسها … فإنْ لم أجد خَلْقًا أتيهُ على نفسي

فقلت له: اسمع إن كنتَ تُحسِن أن تسمع، ثمَّ قلت: [من الطويل]

أيا مَن يرى الأسباب أعلى وجودِه … ويَفرح بالتِّيه الدَّنيِّ وبالأُنْسِ

فلو كنتَ من أهل العُلوِّ لغِبتَ عن … مُباشرةِ الأملاكِ والعَرْشِ والكُرسي

وكنتَ بلا حالٍ مع الله واقفًا … تُصان عن التَّذكار والجنِّ والإنسِ

ألا اسمعْ صِفاتي في الوجود فإنَّني … إذا غِبتُ عن نَفسي كغيبوبة الشَّمسِ

وقامتْ صِفاتي للمليك بأسْرِها … وغابت صفاتي حين غبتُ عن الحسِّ


(١) "الرسالة القشيرية" ٤٦٩، ٤٨٩، ٥٤٠، ٥٦٨، و"تاريخ دمشق"٢/ ٦٢، ومناقب الأبرار ١/ ٤٢٥.
(٢) في "تاريخه" ٣/ ٤٦٣، وما بين معكوفين من (ب).
(٣) في "تاريخه" ٥/ ٤٥٦.
(٤) ذكره ابن الجوزي في "المنتظم" ١٢/ ٢٨٢.
(٥) من هنا إلى قوله بعد صحيفة: ولو صيَّر المحبوب دار الشقا حبسي؛ ليست في (ب).