للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثل المحفَّة، وأجلس الشَّاري فيها، وألبس دُرَّاعةَ دِيباج، وجعل على رأسه بُرْنُسَ حريرٍ طويل.

وركب المعتضد في الجانب الشرقي ركوبًا ظاهرًا، وضُربت القِباب في الطريق كلِّه إلى قصره، والشَّاري بين يديه، والحسين بن حمدان بين يدي المعتضد وجماعةٌ من أصحابه، وحمل الحَرْبةَ بين يديه في هذا اليوم سعيد بن يكسين التركيّ وكان على شرطة الشَّرقيَّة، ولم يحملها أحدٌ من الموالي قبله؛ لأنَّها كانت لآل طاهر قبل ذلك، ومن كثرة الزّحام سقط كرسيُّ الجسر الأعلى ببغداد، فغرق كثير من الرِّجال والنساء والصِّبيان، وكان على المعتضد قباء أسودُ، وعمامةٌ سوداء، وجميع الملوك والأمراء يمشون بين يديه، وكان يومًا مشهودًا.

وورد كتاب ظغْج بن جُفّ من دمشق ومن موالي ابن طولون أنَّهم في الطَّاعة، واستأذنوا المعتضد في القدوم عليه أو في المقام بدمشق، فكتب يأمرهم بالمقام بدمشق، وولَّاها طُغْج.

وفيها قدم رسول عمرو بن الليث (١) من خُراسان بالهدايا وفيها مئتا حِمْل مال، ومئتا جُمَّازة، ومن اللطائف والطرائف (٢) شيءٌ كثير، وكان فيها صَنَمٌ على خِلقة امرأة؛ كان قوم من الهند في مدينة يقال لها: إبل شاه، كانوا يعبدونها.

واستقضى المعتضد يوسف بن يعقوب على الجانب الشرقيِّ، وكلواذى، والنَّهروانات، وكُور دجلة، وواسط (٣)، وخلع على القاضي أبي خازم وقُلِّد قضاء الشرقيَّة، وبادَرَايا، وسقي الفرات (٤)، وشاطئ دجلة إلى حدِّ عمل واسط، مضافًا إلى ما كان يتولَّاه من القضاء على الكوفة وأعمالها، وعبد الحميد بن عبد العزيز على الجانب الغربيّ، وذلك بعد أن أقامت بغداد ثلاثة أشهر وثمانية عشر يومًا بعد وفاة إسماعيل بغير قاضٍ.


(١) من أول السنة إلى هنا ليس في (ف) و (م ١).
(٢) في (ف) و (م ١): الظرف والظرائف. والجمَّازة: دُرَّاعة من صوف. القاموس (جمز).
(٣) في المنتظم ١٢/ ٢٦٠: وكور دجلة والخط.
(٤) في المنتظم ١٢/ ٣٦٠: وشقي الفرات. والمثبت من الأصل، وهو الموافق لما في أخبار القضاة ٣/ ٢٩٣.