للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتب المعتضد إلى عليّ بن محمد بن أبي الشَّوارب وهو بسُرَّ من رأى بتولِّي القضاء بها، فصار إلى بغداد، فولي قضاء مدينة المنصور، وقُطْرَبُّل، مضافًا إلى ما كان يتولَّاه من القضاء بسامرَّاء، وتكريت، وطريق الموصل، وخلع عليهم، وقُرئت عهودهم، وأُمروا جميعًا بالجلوس في المساجد الجامعة.

وخلع المعتضد على حمدان بن حمدون وأطلق في الركوب.

ولعشر (١) بقين من جمادى الآخرة أمر المعتضد بالكتاب إلى جميع البلاد بردِّ [الفاضل من سهام] ذوي الأرحام، [يعني الميراث من سهام ذوي المواريث]، وإبطال (٢) ديوان المواريث، وصرف عمَّاله، فنفذت الكتب، وقرئت على المنابر.

وسببه: أنَّه سأل القاضي أبا خازم فقال: ما تقول فيه؟ فقال: يا أمير المؤمنين، قال الله تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأنفال: ٧٥] فقال المعتضد: قد رُوي عدم الرَّدِّ عن الخلفاء الأربعة، فقال أبو خازم: كذب النَّاقل عنهم، بل كلُّهم ردُّوا، جميعُ الصحابة سوى زيد بن ثابت، ولا يعتدُّ بخلافه مع الجمهور، وكان يُخفيه حتَّى مات عمر رضوان الله عليه خوفًا منه، وهو مذهب فُقهاء التابعين ومَن بعدهم، ولم يذهب إلى قول زيد غير الشَّافعيّ في أحد القولين، والقول الآخر مثلُ قول الصَّحابة، فقال المعتضد: اكتبوا إلى الآفاق بذلك، وكثرت الأدعية للمعتضد، وقالوا: أحيي سُنَّة الخلفاء.

وفيها (٣) خرج عمرو بن الليث من نَيسابور، فخالفه رافع بن هَرْثَمة إليها، فدخلها، وخطب بها لمحمد بن زيد الطَّالبي وأبيه، فقال: اللهمَّ وأصلح الدَّاعي إلى الحقِّ، القائم بالعدل والقسط، الإمام أبا عبد الله محمَّد بن زيد ابن رسول الله ، وكان رافع مُباينًا لبني العبَّاس، خارجيًّا عليهم، وكان عمرو الصفَّار يقاتله، ولما بلغ عَمْرًا ما فعل رافع عاد إلى نيسابور، فنزل بعسكره ظاهِرَها، وأقام محاصرًا لها في ربيع الآخر.


(١) من قوله: واستقضى المعتضد يوسف. . إلى هنا، ليس في (ف) و (م ١).
(٢) في (خ): برد ميراث ذوي الأرحام وإبطال، والمثبت من (ف) و (م ١)، وهو الموافق لما في المنتظم ١٢/ ٣٥٩.
(٣) هذا الخبر والذي يليه ليس في (ف) و (م ١).