للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها قدم بغداد جماعة من قوَّاد جيش بن خمارويه، منهم محمد بن إسحاق بن كنداجيق، وخاقان المفلحي، وبدر بن جُفّ وغيرهم، وسببُ قدومهم إلى المعتضد بالأمان أنَّهم أرادوا أن يفتكوا بجَيش، فسُعي بهم إليه، وكان راكبًا في موكبه، وعلموا أنَّه قد علم بهم، فخرجوا من يومهم، وسَلكوا البَرّيَّة، وتركوا أموالهم وأهاليهم، فتاهوا أيَّامًا، ومات منهم جماعة بالعطش، ثمَّ خرجوا على طريق الكوفة، وبلغ المعتضد فأرسل إليهم بالأطعمة والدَّوابِّ وغيرها، فلما وصلوا بغداد حبس لهم، فدخلوا عليه، فقرَّبهم وأدناهم، وخلع عليهم، وأنزلهم المنازل، وكانوا ستين رجلًا (١).

وفيها وثب الجندُ من المغاربة والبربر على جَيش بن خُمارويه، وقالوا: لا نرضى بك أميرًا، فتنحَّ عنَّا حتَّى نوَلِّيَ عمَّك، فكلَّمهم كاتبُه عليُّ بن أحمد الماذرائيّ، وسألهم أن ينصرفوا عنه يومَهم، فانصرفوا، وغدا جَيش على عمِّه الَّذي ذكروا أنَّهم يؤمِّرونه، فضرب عُنُقَه وعُنُقَ عمٍّ آخر له، ورمى برؤوسهما إليهم، فهجم الجند على جيش فقتلوه، وقتلوا أمَّه، وانتهبوا داره [بمصر] وأحرقوها، وأقعدوا هارون بن خمارويه مكان أخيه جيش.

وفيها وقع الفداء بين المسلمين والرُّوم على يدي أحمد بن طُغان والي طَرَسوس في شعبان، فكان عدَّة من فُودي من المسلمين الرِّجالِ والنساءِ مقدار ألفين وخمس مئة وأربعة أنفس.

وفيها استأمن عمر بن عبد العزيز بن أبي دُلف إلى بدر، فخرج الوزير عبيد الله (٢) إلى لقائهم، ونزلوا في مضرب بدر، وخلع عليهم، وحلفوا أنَّهم في طاعة أمير المؤمنين، وكان قبلهم قد دخل بكر بن عبد العزيز بن أبي دُلَف في الطَّاعة إلى بدر والوزير، فولَّياه عمل أخيه عمر على أن يخرج إليه فيحاربه، فلمَّا دخل عمر في الطَّاعة قال الوزير لبكر: إنَّ أخاك قد أطاع، وإنَّما ولَّيناك عمله لكونه كان عاصيًا، والآن فامضيا إلى باب أمير المؤمنين ليرى رأيه فيكما.

وولي عيسى النُّوشري أصبهان، وأظهر أنَّه من قِبَل عمر بن عبد العزيز، فهرب بكر


(١) تاريخ الطبري ١٠/ ٤٤ - ٤٥، والكامل ٧/ ٤٧٧ - ٤٧٨.
(٢) في (خ): فخرج الوزير بن عبيد الله، والمثبت من تاريخ الطبري ١٠/ ٤٧، والكامل ٧/ ٤٧٩.