للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في أصحابه، فكُتب بذلك إلى المعتضد، فكتب إلى بدر يأمره بالمقام مكانه حتَّى يعرف خبر بكر.

وسار الوزير إلى الرَّيِّ فلحق بعليِّ بن المعتضد، وظهر خبر بكر أنَّه بالأهواز، فوجَّه المعتضد خلفه وصيف موشكير، فانتهى إلى حدود فارس، وبات كلُّ واحد منهم قريبًا من صاحبه ولم يتوافقا، فارتحل بكر في الليل ولم يتبعه وصيف، ومضى إلى أصبهان، ورجع وصيف إلى بغداد، وكتب المعتضد إلى بدر بحربه، فتقدَّم بدر إلى عيسى النُّوشري بذلك، فقال بكر من أبيات طويلة: [من الكامل]

يا بدرُ إنَّك لو شهدتَ مواقفي … والموتُ يَلْحَظ والصِّفاحُ دَوامي

لذَمَمْتَ رأيَك في إضاعةِ حُرْمَتي … ولضاق ذَرْعُك (١) في اطِّراح ذِمامي

حرَّكْتَني بعد السُّكونِ وإنَّما … حرَّكْتَ من حِصني جبال تَهامِ

وقال يذكر هرب النُّوشريّ من بين يديه، ويعيِّر وصيفًا بالإحجام عنه، ويتهدَّد بدرًا: [من الخفيف]

قالتِ البِيضُ قد تغيَّر بَكرٌ … وبدا بعد وَصْلِه منه هَجْرُ

ليس كالسَّيفِ مُؤنِسٌ حين يَعْرُو … حادثٌ مُعْضِلٌ ويَفْدَحُ أَمْرُ

أوقَدوا الحربَ بيننا واصطَلَوْها … ثمَّ خانوا فأين منها المَفَرُّ

وبَغَوْا شرَّنا فهذا أوانٌ … قد بدا شَرُّه ويتلوه شَرُّ (٢)

قد رأى النُّوشَريُّ لمَّا التقينا … مَن إذا أُشرع الرِّماحُ يَفِرُّ

جاء في قَسْطَلٍ لُهامٍ (٣) فصُلْنا … صَولةً دونها الكُماةُ تَهِرُّ

ولِوا الموشَجِير أفضى إلينا … رُوِّيَتْ عند ذاك بِيضٌ وسُمْرُ (٤)


(١) في (خ): عذرك. والمثبت من تاريخ الطبري ١٠/ ٤٨.
(٢) في (خ):
وبدا شرنا فهذا أوان … قد بدا شرها ويتلوها شر
والمثبت من تاريخ الطبري ١٠/ ٤٩.
(٣) القسطل: الغبار الساطع. واللُّهام: الجيش الكثير كأنه يلتهم كل شيء. اللسان (قسطل)، (لهم).
(٤) في (خ):
ولِوا الموشكير أفضى إلينا … ودمار وبن بيض وسمر =