للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمَّ دعا النَّاسَ إلى بيعةِ ابنه يزيد، وقد علم بفُجوره وفِسْقه، وقد علم النَّاس ما فعل بأولاد رسول الله ، والحسين، ونوبة الحَرَّة، وتحريقه البيتَ الحرام؛ جراءةً على الله وكُفرًا به … وهو كتاب طويل، وفيه العجائب والغرائب.

ولمَّا كتبه عبيد الله الوزير قال للقاضي يوسف بن يعقوب: كَلِّم المعتَضِد في هذا، فقال له: يا أمير المؤمنين، أخاف الفتنةَ عند قراءته، فقال المعتضد: إن تحرَّكت العامَّة وضعتُ سيفي فيها، فقال: يا أمير المؤمنين، فما تصنع بالطالبيِّين الذين هم في كلِّ ناحية قد خرجوا عليك؟ وإذا سمع النَّاس بما في هذا الكتاب من مآثر رسول الله ، وفضائل أهل البيت؛ كانوا إليهم أمْيَل، وكانوا هم أبسطَ ألسنة، وأثبتَ حُجَّةً منهم اليوم، فأمسك المعتضد عنه، ولم يقل له شيئًا.

وفي شعبان ظهر شخص في دار المعتضد في يده سيفٌ مَسلول، فقصده بعضُ الخدم، فضربه بالسَّيف فجرحه، ودخل في البستان فاختفى، وطُلب فلم يوجد له أَثَر، وعَظُم ذلك على المعتضد، واحترز في سور دار الخلافة، وقيل: هو من الجنِّ، واختلف النَّاس فيه، وساءت الظُّنون، واستوحش المعتضد من الدار وَحْشةً شديدة، وأقام الشخصُ يظهر مرارًا على تلك الصُّورة ويتراءى، ولم يظهر خبره حتَّى مات المعتضد والمكتفي (١) وولي المقتدر (٢).

[وقال أبو يوسف القزويني:] كان هذا الشخص خادمًا أبيض للمعتضد، وكان يميل إلى بعض الجواري، [اللاتي للمعتضد]، وكانت الجاريةُ في دار الحُرم، وكان مَن بلغ من الخُدَّام لا يدخلون دار الحرم، بل يسكنون خارجًا عنها، وكان خارج دار الحُرم بستان كبير كثير الأشجار، فاتَّخذ هذا الخادم لحيةً من مُشاق الكَتَّان، وكان يلبسها على وجهه، واتَّخذ برانس كثيرة مختلفة، ولحًى كثيرة، فتارة يظهر في صورة راهب، وتارة في صورة جندي، وبيده سيف مسلول، فكان إذا ظهر خرجت الجاريةُ مع الجواري كأنَّها تُشاهده، فيخلو بها بين الشَّجَر، ويتحدَّث معها بما يُريد خِلسَةً، فإذا طُلب دخل


= البخاري (٦٨١٨)، ومسلم (١٤٥٨)، وأحمد (٧٢٦٢) من حديث أبي هريرة .
(١) في (ف) و (م ١): وقام المكتفي.
(٢) تاريخ الطبري ١٠/ ٦٣، والمنتظم ١٢/ ٣٧٢ - ٣٧٣، والكامل ٧/ ٤٨٦ - ٤٨٧، وتاريخ الإسلام ٦/ ٦٥٥.