للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين الشَّجر ونزع اللِّحية، وخبأها مع البُرنس، والسيفُ مَسلول بيده كأنَّه بعض الخدم الطَّالبين للشخص، ودام الحالُ أيامَ المعتضد والمكتفي، حتَّى ولي المقتدر، فخرج الخادم إلى طَرَسوس (١)، فتحدَّثت الجاريةُ بحديثه.

وفيها قُتل شفيع الخادم [خادم] عمر بن عبد العزيز ابن أبي دُلف، قتله أبو ليلى الحارث بن عبد العزيز بن أبي دُلَف، وسببه أنَّ أخاه عمر وثب عليه، فقيَّده، وحمله إلى قلعةٍ لآل أبي دُلف فيها أموالهم وجواهرهم وذخائرهم، ووكَّل به شفيعًا الخادم، ومعه جماعة من غِلمان عمر وخاصَّته، فلمَّا (٢) استأمن عمر إلى المعتضد وهرب بكر عاصيًا (٣) [على المعتضد] بقيت القلعةُ بما فيها في يد شفيع، فسأله أبو ليلى إطلاقه، فأبى وقال: حتَّى يأمرني أخوك عمر، فقال أبو ليلى لغلامٍ صغير كان يَخدُمه: احتلْ لي في مِبْرَدٍ وأدخلْه إليَّ في الطعام، ففعل الغلام.

وكان شَفيع يأتي كلَّ ليلة فيشاهد أبا ليلى نائمًا على فراشه، ثمَّ يخرج فيُقْفِل عليه الباب، وينام قريبًا من الباب، فما زال أبو ليلى يُعالج القَيد بالمِبْرَد حتَّى قطع المسمار الَّذي كان فيه، فكان يخرجه من رجله إذا شاء، فقال لجارية عنده: ضعي على الفراش ثيابًا كثيرة، وإذا جاء شفيع فسأل عنِّي فقولي: هو نائم، واجلسي عند الفراش كأنَّك تكبسيني، ففعلت الجارية ذلك، وخرج أبو ليلى من البيت، فاختفى في الدِّهْليز خارج الباب، وجاء الخادم فسأل عنه، فأخبرته بأنَّه نائم، ورأى الفراش وما عليه فظنَّ أنَّه نائم، فخرج وأقفل الباب ونام، فجاء أبو ليلى ومعه سكِّين كان غُلامه دسَّها إليه في طعام -وقيل: إنَّه استلَّ سيفَ الخادم من عند رأسه- وذبحه.

ووثب الغلمان الذين كانوا مع الخادم، فقال لهم [أبو ليلى]: أنا قتلته -والسَّيف مَشهورٌ في يده- فخافوه وخرجوا من الدَّار، وفتح باب القلعة، فاجتمع النَّاس إليه، ومَلَك القلعة، وخرج على المعتضد، وجمع (٤) إليه جماعة، والتقى بعيسى النّوشريّ


(١) في المنتظم ١٢/ ٣٧٣: طوس. وما سلف بين معكوفين من (ف) و (م ١).
(٢) في (خ): ومعه جماعة من غلمان عبد العزيز فلما .... والمثبت من (ف) و (م ١)، وهو الموافق لما في الطبري ١٠/ ٦٤، والكامل ٧/ ٤٨٧.
(٣) في (ف) و (م ١): وهرب إلى ديار بكر عاصيًا.
(٤) من هنا إلى آخر هذا الخبر ليس في (ف) و (م ١).