للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومرضتْ ابنتي فأقامت أمُّها عندها شهر رمضان، فقام إفطاري في ذلك الشهر بدرهمٍ ودانقين، ودخلتُ منه الحمام، واشتريتُ صابونًا، فقامت نفقةُ رمضان بدرهم (١).

وقال [الخطيب بإسناده عن] أبي عثمان الرَّازي [قال:] جاء رجل (٢) من عند المعتضد إلى إبراهيم الحربيِّ بعشرة آلاف درهم، وقال: يقول لك الخليفة: فرِّقها في جيرانك، فقال للرسول: هذا مالٌ لم نشغلْ نفوسَنا بجمعه، فلا نشغلها بتَفْرقته، فألحَّ عليه، فقال: قل لأمير المؤمنين: إن تركتَنا وإلَّا تحوَّلنا من جوارك.

وقال [الخطيب باسناده عن أبي القاسم الجبلي [قال:] اعتُلَّ (٣) إبراهيم علَّةً حتَّى أشرف على الموت، فدخلتُ عليه أعودُه، فقال لي: يا أبا القاسم، أنا في أمرٍ عظيم مع ابنتي وهي تسمع، ثمَّ قال: قومي فاخرجي إلى عمِّك، فألقت خِمارها على وجهها وخرجت، فقالت: يا عمُّ، نحن في أمرٍ عظيم، لا في الدنيا ولا في الآخرة، الشَّهرَ والدَّهرَ ما لنا طعام إلَّا الكِسَر اليابسة والملح، وربَّما عَدِمنا القوت، وبالأمس وجَّه إليه المعتضد مع بدر بألف دينار فلم يأخذها، وبعث إليه فلانٌ وفلانٌ فلم يأخذ شيئًا، وهو مريض، فقال لها إبراهيم: يا بُنيَّة، إنَّما خفتِ الفقر؟ قالت: نعم، قال: انظري إلى تلك الزَّاوية؛ فيها اثنا عشر ألف جزء لغة وغريب كتبتُها بخطِّي، فإذا متُّ فبيعي كلَّ جزءٍ بدرهم، ومَنْ عنده اثنا عشر ألف درهم فليس بفقير.

[وفي رواية أبي القاسم الجبلي قال:] فلمَّا كان بعد أيَّام جاء رجل في الليل، فطرق الباب على إبراهيم، فقال: مَنْ؟ قال: رجل من إخوانك، فقال: ادخل، فقال: أطفئ السِّراج، فأكفأ عليها الغَضارة (٤)، ودخل الرجل فترك شيئًا وخرج، فكشف السراج وإذا بمنديل فيه حلوى وفاكهة، وفي ظرفه مشدود دنانير، فصاح: يا بُنيَّة يا بُنيَّة، تعالي فخُذي هذا.


(١) تاريخ بغداد ٦/ ٥٢٦، والمنتظم ١٢/ ٣٨١ - ٣٨٢.
(٢) في (خ): وقال أبو عثمان الرازي جاء رجل، والمثبت من (ت) و (م ١)، وانظر تاريخ بغداد ٦/ ٥٢٨، والمنتظم ١٢/ ٣٨٣.
(٣) في (خ): وقال أبو القاسم الجبلي اعتل، والمثبت من (ف) و (م ١)، وانظر تاريخ بغداد ٦/ ٥٢٨ - ٥٢٩، والمنتظم ١٢/ ٣٨٣.
(٤) طين لزج، أو تراب طيني دقيق الذرات.