للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخلنا عليه مرَّةً أخرى فقلنا: كيف تجدك؟ فقال: [من الخفيف]

دبَّ فيَّ البَلاءُ سُفْلًا وعُلْوًا … وأراني أموتُ عُضْوًا فعُضوًا

ذهبتْ جِدَّتي بطاعةِ نفسي … وتذكَّرتُ طاعةَ الله نِضْوا

وكانت وفاتُه يوم الاثنين لسبعٍ بقين من ذي الحجَّة، وصلَّى عليه يوسف بن يعقوب القاضي، وكان يومًا مَشهودًا، ودُفن بداره بباب الأنبار غربيِّ مدينة المنصور، وقبرُه ظاهر يزار، وعليه قُبَّة يقال لها: قُبَّة الحَربيّ، وإلى جانبه قبران يقال إنَّهما ابنتاه.

وذكر الخطيب له ابنةً واحدة اسمُها أمُّ عيسى (١)، وكانت فاضلة، إذا جاءت فتوى وإبراهيمُ غائب تُفتي عنه، وتوفِّيت في رجب سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة وكانت صالحة وقيل: إنَّ أحد القبرين لها والآخر لولده.]

أسند إبراهيم عن خلقٍ كثير لا يُحصَون كثرةً؛ منهم الإِمام أحمد ، والفَضْل بن دُكَين، وعفَّان بن مسلم وغيرهم، وروى عنه جمّ غفير؛ منهم عبد الله بن الإِمام أحمد ، وابن الأنباري، وابن صاعد وغيرهم.

وقال محمَّد بن صالح الأنماطيّ: ما أخرجت بغدادُ مثل إبراهيم الحربيّ في الفقه، والحديث، والأدب، والعربية، والزهد، والورع (٢).

قال المصنِّف : وقول إبراهيم الحربيّ: إذا مات المعالج من سقام … البيت؛ قد جرى لإسماعيل بن أبي هاشم الدمشقيُّ مثل هذا، [فذكر الحافظ ابن عساكر في "تاريخه" عن أبي الحسن علي بن أحمد بن محمَّد بن سَلامة الطَّحاوي قال:] كان لإسماعيل بن أبي هاشم طبيبٌ يقال له: النُّعمان، فمرض إسماعيل، ومرض الطبيب، فسأل عنه فقيل: مات، فقال إسماعيل: [من السريع]

قد قلتُ لمَّا قال لي قائلٌ … قد صار نُعمانُ إلى رَمْسهِ

وأين ما يُوصَف من حِذْقه … وعلمِه بالطِّب مع جَسِّهِ

هيهات لا يَدفع عن غيرهِ … مَن كان لا يَدفَعُ عن نفسهِ


(١) في (ف) و (م ١): ولم يذكر الخطيب سوى ابنة واحدة قال واسمها أم عيسى، والمثبت من (خ)، وانظر تاريخ بغداد ١٦/ ٦٣١.
(٢) انظر في ترجمته تاريخ بغداد ٦/ ٥٢٢، والمنتظم ١٢/ ٣٧٩، والسير ١٣/ ٣٥٦، وتاريخ الإسلام ٦/ ٧٠٣.