للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعث إلى إسماعيل ببَدَنةٍ من لؤلؤ، وتاجٍ مرصَّعٍ، وسيفٍ من ذهب، وعشرة آلاف ألف درهم (١).

وفيها ظهر رجل من القرامطة يعرف بأبي سعيد الجنَّابي [بالبحرين] واجتمع إليه جماعة من الأعراب والقَرامطة، وكان خروجه في أوَّل هذه السَّنة، ثمَّ قوي أمره في جمادى الآخرة، وكثر أصحابُه، فقتل مَن حوله من أهل القرى، وسار إلى مكان بينه وبين البصرة مراحل يقال له: القَطيف، فقتل مَن كان به، وأظهر أنَّه يريد البصرة، فأرسل المعتضد إلى البصرة، فبنى عليها سُورًا، فقدِّرت نفقته بأربعة عشر ألف دينار.

وغلب أبو سعيد على هَجَر وأعمالها، وكان رجلًا كيَّالا بالبصرة، يبيع الطَّعام للنَّاس بناحية الزَّارة، وجَنَّابة قريةٌ من قُرى الأهواز، وقيل: من أعمال البصرة، وقيل: من البحرين.

وكان يتردَّد إلى البصرة وإلى القَطيف والبحرين رجلٌ يقال له: يحيى بن علي (٢)، ويزعم أنَّه رسول المهديِّ، ويبثُّ فيهم الدَّعوةَ سرًّا، ويأخذ أموالهم، ويجيء إلى البصرة فينزل على أبي سعيد الجنَّابي، ويقول أبو سعيد لامرأته: إنْ أرادكِ رسولُ المهديّ على نفسك فلا تمنعيه.

وعلم به عامل البصرة وهو أحمد بن محمَّد الواثقي، فأخذ يحيى بن علي رسولَ المهدي فضربه بالسِّياط، وحلق رأسَه ولحيته، وعلم أبو سعيد فهرب من البصرة، واجتمع إليه مَن كان على مثل رأيه، فخرج وعَمل ما عَمِل.

وقال الصُّولي: كان أَبو سعيد فقيرًا يرفو (٣) أعدال الدَّقيق بدار البصرة، وكان يُسْخَر منه ويُستَخفُّ به، فخرج إلى البحرين، فانضاف إليه جماعة من الزَّنج وقُطَّاع الطريق، وأفسد، وعاث، ونشر الدَّعوة، وتفاقَمَ أمرُه، حتَّى بعث إليه الخليفة جيوشًا وهو يهزمها، وهو جدُّ أبي عليٍّ الذي استولى على الشَّام، ومات بالرَّملة سنة خمسٍ وستين وثلاث مئة.


(١) من قوله: وقال الطبري … إلى هنا ليس في (ف) و (م ١).
(٢) كذا في (خ) و (ف) و (م ١) والذي في الكامل ٧/ ٤٩٣: يحيى بن الهدي.
(٣) رَفَأَ الثوبَ: لَأَمَ خَرْقَه بنساجة، وفي معناه: رفأ يرفو رفوًا. المغرب (رفأ).