للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهزمهم إلى مصر، ثمَّ خرج سعيد الأعْسَر على المعتضد في الكَمين فهزمه، فأتى طَرَسُوس] (١). وقد ذكرناه.

وذكره المبرِّد فقال: هو والله كما قال الأخطل: [من الكامل]

تسمُو العيونُ إلى إمام عادلٍ … مُعْطى المَهابةِ نافع ضَرَّارِ

وترى عليه إذا العيونُ رَمَقْنَه … سِيما الحَليم وهيبةَ الجبَّارِ (٢)

وقال المسعودي [في "تاريخه"]: كان قليلَ الرَّحمة، وحكى عنه العجائب، منها أنَّه [قال:] كان إذا غضب على قائد أو على أحد من خواصِّه أو غلمانه أمر بأن تُحفر له حُفيرة، ثمَّ يُرمى فيها على أمِّ رأسه، ويُهال التراب على بعض جسده، ثمَّ يُداس وهو يراه، حتَّى تخرج روحه من دُبُره، وكانت له سياسة عظيمة (٣).

[حديث اللصوص الذين نزلوا المَقْثَأة:

ذكرها القاضي علي بن المُحَسِّن التنوخي (٤) بإسناده إلى أبي محمَّد] عبد الله بن حَمْدون قال: خرج المعتضد في عسكره للصيد، فنزل إلى جانب مَقْثأة وأنا معه، فصاح ناطور المقثأة، فقال: عليَّ به، فأُحضر بين يديه، فسأله عن صياحه فقال: ثلاثة من الغلمان نزلوا المقثأة فأخربوها، فقال: أتعرفهم؟ قال: نعم، قال: اذهب فانظرهم، فذهب إلى العسكر فرآهم فعرفهم، فأتى بهم بين يديه، فحبسهم، فلمَّا كان في وقت السَّحر أخرجهم فضرب أعناقهم في المقثأة.

قال [أبو محمَّد] عبد الله [بن حمدون:] ثمَّ قال لي بعد أيام: يا عبد الله، ما يُنكر عليَّ النَّاس؟ قلت: لا شيء، فقال: بالله إلَّا صَدَقْتني، فقلت: إسرافُك في الدِّماء (٥)، فقال: والله ما سفكتُ دمًا حَرامًا [قط] منذ ولِّيت الخلافة إلا بحق، قلت: فلِمَ قتلتَ أحمد بن الطَّيِّب وكان خادمَك؟ فقال: دعاني إلى الإلحاد فقلت: أنا ابن عمِّ رسول الله


(١) انظر مختصر تاريخ دمشق ٣/ ١١١، ١١٤، وانظر في ترجمة المعتضد تاريخ بغداد ٦/ ٧٩، والمنتظم ١٣/ ٧، والكامل ٧/ ٥١٣، والسير ١٣/ ٤٦٣، وتاريخ الإِسلام ٦/ ٦٧٦.
(٢) ديوانه ٨٠.
(٣) مروج الذهب ٨/ ١١٥ - ١١٦.
(٤) في نشوار المحاضرة ١/ ٣٣١ - ٣٣٣، وعنه المنتظم ١٢/ ٣٠٧.
(٥) في (ف): فقال: افتراؤك في الدنيا، وفي (م ١): فقال: إسرافك في الدنيا، والمثبت من (خ)، وفي المنتظم: إسراعك إلى سفك الدماء.