للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبِ الشريعة، وأنا قائمٌ مقامه، أُلحد حتَّى أتبرَّأ منه؟! فقلت: فالثلاثة نزلوا المَقثأة؟ فقال: والله ما قتلتُهم، والذين قتلتُهم كانوا لصوصًا قد قَتلوا، أخرجتهم في الليل فقُتلوا، وأطلقت أولئك.

[ذكر قتله الأسد:

حكى القاضي التنوخي بإسناده إلى] خَفيف السمَرْقَنديّ [مولى المعتضد] قال: خرجتُ مع المعتضد في بعض مُتَصيَّداته وقد انقطع عنَّا العسكر، وليس معه غيري، فخرج علينا أسد فقَصَدَنا، فقال المعتضد: يا خفيف، أفيك خير؟ قلت: لا، قال: ولا تُمسك فرسي حتَّى أنزل أنا إليه؟ قلت: بلى، فنزل وأعطاني فَرسه، وشدَّ أطراف قَبائه في مِنطقته، واستلَّ سيفه، ورمى بالقُراب إليَّ فأخذتُه، وأقبل يمشي إلى الأسد، وقصده الأسد وحمل عليه، حتَّى إذا قرب منه وثب عليه، فتلقاه المعتضد بسيفه فقطع يده فطارت، فتشاغل الأسد بالضربة، فثنَّاه أخرى ففلق هامته، فخرَّ صَريعًا، فمسح السَّيف في صوفه وقد مات، ثمَّ رجع إليَّ فأخذ الغمد فأدخل السَّيف فيه، ثمَّ ركبنا وقصدنا العسكر، وصحبته إلى أن مات، فما سمعته يذكر الأسَد بلفظه، فلا أدري من أي شيءٍ أعجب من شجاعته وشدَّته، أم من قلَّة احتفاله بما صنع حتَّى كتمه، أم من عفوه عنِّي؛ فما عاتبني على ضنِّي بنفسي (١)؟!

[حكاية تدلُّ على عفَّته:

قال الخطيب بإسناده إلى] إسماعيل بن إسحاق القاضي قال: دخلتُ (٢) على المعتضد وعلى رأسه أحداثٌ صِباحُ الوجوه رومٌ وتُرْكٌ وغيرهم، فجعلت أتأملهم ففطن، فلما أردت القيام قال: اقعد، فقعدتُ، فلمَّا خلا المجلس قال: يا قاضي، والله ما حَلَلتُ سراويلي على حرام قطُّ.

[ذكر قصَّته مع العبد الأسود:

ذكرها] القاضي التنوخي بإسناده قال (٣): كان المعتضد يومًا جالسًا في بيت له


(١) في (خ): على ضني بنفسه منه، وفي (ف م ١): طني عنه، والمثبت من نشوار المحاضرة ٣/ ٢٦٠، والمنتظم ١٢/ ٣١٥.
(٢) في (خ): وقال إسماعيل بن إسحاق القاضي دخلت، والمثبت من (ف م ١)، والخبر في تاريخ بغداد ٦/ ٨٠.
(٣) في (خ): وحكى القاضي التنوخي بإسناده قال، والمثبت من (ف) و (م ١)، والخبر في الأذكياء ٥٩ - ٦٠ عن المحسن التنوخي.