وقال في جارية تُوفّيت له: [من السريع]
لم أبكِ للدَّار ولكنْ لمن … [قد] كان فيها مرَّةً ساكنا
فخانني الدَّهرُ بفقدانِهِ … وكنتُ من قبلُ له آمنا
ودَّعتُ صَبري عند توديعه … وبات قلبي معه ظاعِنا
فقال له عبيد الله الوزير: يا أمير المؤمنين، مثلُك تهون عليه المصائب؛ لأنَّك تجد لمن كان فقيدًا خَلَفًا، وتقدر على ما تريد، والعوض منك غير موجود، وقد قال الشاعر: [من البسيط]
يُبكى علينا ولا نبكي على أحدٍ … إنَّا لَأغلظُ أكبادًا من الإبلِ
قال أبو عُبيد: الإبل لا توصف بغِلَظ الأكباد، وقد غلط النَّاس في هذا، بل توصف بالرِّقة والحنين.
قال المصنف ﵀: هب أنَّ الفاقد وَجَد، فأين قول القائل حيث قال: [من البسيط]
لي حُسْنُ عَهْدٍ فلو أنِّي رُدِدْت إلى … شبيبتي لبكيتُ الشَّيب ألوانا
وقال ابن المعتزّ يرثي هذه الجارية: [من الخفيف]
يا إمامَ الهدى بنا لا بك … الغمُّ وأفنيتَنا وعِشْتَ سَليما
أنتَ علَّمتَنا على النِّعم الشُّكرَ … وعند المصائب التَّسليما
فاسلُ عمَّا مضى فإنَّ التي كا … نت سرورًا صارت ثوابًا عظيمًا
قد رَضينا بأنْ نموتَ وتحيا … إنَّ عندي في ذاك حَظًّا جَسيما
مَنْ يَمُت طائعًا لديكَ فقد أُعْطي … فوزًا ومات موتًا كريما
وللمعتضد فيها: [من مجزوء الرمل]
يا حَبيبًا لم يكن … يَعْدِلُه عندي حَبيبُ
أنتَ من عيني بعيدٌ … ومن القلب قريبُ
ليس لي بعدَكَ في … شيءٍ من الدُّنيا نَصيبُ
لكَ من قلبي على قُلْبي … وإن بِنْتَ رقيبُ
لو تراني كيف لي … بعدَك عَوْلٌ ونَحيبُ