للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: اذكر الله تعالى، فذكرتُ، فما زلنا كذلك إلى الصَّباح، وقمنا نمشي، وإذا بحيَّة عظيمة قد سقطت من وطائه، وقد تطوَّقت [به]، فقلت له: أما علمتَ بها؟ فقال: والله منذ زمان ما نمتُ أطيبَ من الليلة.

وقال حامد: خرجتُ معه في سفر، فنزلنا تحت شجرة، فجاء السَّبُع، فهربتُ منه وصَعدتُ إلى الشجرة، وبات السبع يشمُّ إبراهيم من قَرْنه إلى قدمه إلى الصَّباح، ومشينا، فأتينا آخر النهار إلى قرية، فدخلنا مَسجدَها، فوقع في الليل على وجهه بقَّةٌ، فانزعج منها، فقلتُ له: ما هذا؟! فقال: تلك حال كنتُ فيها مع الله، وهذه حالة أنا فيها مع نفسي.

[حديث إبراهيم مع العقرب:

حكى ابن جَهْضم عن] المزيّن [قال:] كنتُ (١) عند إبراهيم، فدبَّت عقرب، فجعلت تلسعه في فخذه وهو صابر، فقمتُ لأقتلها فقال: دعها، كلُّ شيءٍ مُفْتَقر إلينا، ولسنا مُفْتَقرين إلى شيء.

[ذكر قصته مع النَّصْراني:

حكى أبو نعيم وغيره عنه] قال: دخلت (٢) البادية، فصحبني رجل على وسطه زنَّار، فقلتُ: مَن أَنْتَ؟ قال: نصرانيّ أريد صحبتَك، فمشينا سبعة أيام لم نأكل شيئًا، فقال: يَا راهب الحنيفية، هات ما عندك من الانبساط فقد جعنا، فقلت: يَا إلهي، لا تَفْضَحْني مع هذا الكافر، وإذا بطبق عليه خُبزٌ وشواء، ورُطَب وكوز ماء، فأكلنا.

ومشينا سبعة أيام، فقلت: يَا راهب النصرانية، هات ما عندك من الانبساط فقد [جعنا، وقد] وصلتْ إليك النَّوبة، فاتَّكأ على عصاه ودعا، وإذا بطَبقين عليهما أضعاف ما كان على طبقي، فتحيَّرتُ، وأبَيتُ أن آكل، فألحَّ عليَّ وقال: كُلْ، فلم أفعل، فقال: طِبْ نفسًا فإنِّي مُبشِّرُك ببشارتين؛ إحداهما: أنِّي أشهد أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، والثانية: أنِّي قلت: اللهم إن كان لهذا العبد عندك خطر فافتح علينا


(١) في (خ): وقال المزين كنت، والمثبت من (ف م ١)، والخبر في الرسالة القشيرية ٤/ ٢٧.
(٢) في (خ): وقال إبراهيم دخلت، والمثبت من (ف م ١)، والخبر في الرسالة القشيرية ٤/ ١٧٣.