للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدري من أين جاء ولا أين ذهب.

وقال محمد بن عبد الوهَّاب الثَّقفيُّ: كان إسماعيل بن أحمد والي خُراسان يَصِلُ محمدَ بن نصر في كلِّ سنة بأربعة آلاف درهم، ويصله أخوه إسحاقُ بن أحمد بأربعة آلاف درهم، ويصله أهلُ سمرقند بأربعة آلاف درهم، وكان يُنفقها من السَّنة إلى السَّنة من غير أن يكون له عيال، فقيل له: لعلَّ هؤلاء القومَ الذين يصلونك يَبدو لهم، فلو جمعتَ هذا لنائبة، فقال: يا سبحان الله، أنا بقيت بمصر كذا وكذا سنةً، فكان قُوتي وثيابي وكاغَدي وحِبْري وجميعُ ما أنفقه في السنة عشرين درهمًا، أفَترى إن ذهب هذا لا يبقى ذاك؟!

و [حكى الخطيب بإسناده إلى محمد بن عبيد الله قال: سمعت] الأمير [أبا إبراهيم] إسماعيل بن أحمد يقول: كنت بسَمَرْقَنْد (١)، فجلستُ يومًا للمظالم، وجلس أخي إسحاق [إلى جنبي، إذ دخل أبو عبد الله المروزي، فقمتُ له إجلالًا لعِلمه، فلمَّا خرج عاتبني أخي إسحاق] وقال: أنت والي خراسان، يدخل عليك رجل من رعيَّتك فتقوم إليه، وهذا ذهاب السياسة؟ فبتُّ تلك الليلة، فرأيتُ النبيَّ [في المنام] وأخي إسحاق واقف معي، إذ أخذ النبيُّ بعَضُدي وقال: يا إسماعيل، ثبَّت الله مُلكَكَ ومُلْكَ بنيك بإجلالك محمدَ بن نصر، ثمَّ التفت إلى أخي إسحاق فقال: ذهب مُلكُك وملكُ بنيك باستخفافك بمحمد بن نصر.

وكان مُقيمًا بنَيسابور (٢)، وكان مُفتيها وعابدَها، ثمَّ خرج إلى سَمَرْقَنْد، فتوفِّي بها في المحرَّم.

سمع هشامَ بن عمَّار وغيرَه، وروى عنه ابنُه إسماعيل وغيرُه، وكان ابنُه إسماعيل على طريقته، فقيل له: لو زَجَرْتَ ولدك؟ فقال: لا أُفسد مروءتي بصلاحه.

واتَّفقوا على دينه [وأمانته] وثقته وصدقه (٣).


(١) في (ف) و (م ١): وحكى الخطيب بإسناده أيضًا إلى محمد بن عبد الله قال: سمعت الأمير أبا إبراهيم إسماعيل بن أحمد يقول: كنت والي خراسان … ، والمثبت من (خ)، وهو الموافق لما في تاريخ بغداد ٤/ ٥١٠.
(٢) في (ف م ١): استوطن محمد بن نمر نيسابور.
(٣) بعدها في (ف م ١): والحمد لله وحده وصلى الله على أشرف خلقه محمد وآله وصحبه وسلم.