للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها أمر المقتدرُ أن لا يُستخدم أحدٌ من اليهود والنَّصارى إلَّا في الطِّبِّ والجَهْبَذَة فقط، وأن يُطالبوا بلبس العسليِّ، وتعليقِ الرِّقاع المصبوغة على دراريعهم، وأن يركبوا على السُّروج التي هي كهيئة الأكف (١).

وفيها افتتح أبو الحسن بن الفرات وزارته بأن أخرج أمرَ الخليفة إلى سائر البلاد بإنصاف الرعيَّة، وإفاضة العدل والإحسان، وإزالةِ الرُّسوم الجائرة عنهم، وأعطى بني هاشم جوائزَهم وصِلَتَهم، وأخرج أمره بالصَّفْح عمن خرج عن طاعته ووالى ابنَ المعتز، وأمر بإحراق جميع الجرائد التي فيها أسامي مَن خلع المقتدر، وقيل: إنَّه غرَّقها في دِجلة، فدعا الناس له وللوزير.

ولَمَّا استقرَّ الأمر للمقتدر فوَّض الأموال إلى أبي الحسن بن الفرات، وتوفر على لذَّاته واحتشم الرِّجال وانقبض عنهم، واطَّرح النُّدماء والجلساء والمغنِّين، وعاشر النساء، وغلب على الدَّولة الحُرَم والخدم، وما زال يُنفق الأموال من بيت مال الخاصَّة ويبذِّر حتَّى أتلفها.

وفيها قدم الحسين بن حمدان إلى بغداد (٢)، وسببُه: أنَّ المقتدر كتب إلى أخيه أبي الهيجاء عبدِ الله بن حمدان في قصد أخيه، وبعثَ له أربعة آلاف رجل مع القاسم بن سيما، فالتقَوْا، فانهزم أبو الهيجاء وابنُ سيما، فنزل إبراهيم بن حمدان إلى بغداد، فأصلح أمرَ أخيه الحسين، وكتب له المقتدر أمانًا، فقدم في جمادى الآخرة فنزل ظاهر بغداد من الجانب الغربيِّ ولم يدخلْ دارَ الخلافة، وقُلِّد أعمال الحرب بقُمّ وقاشان، وحملت إليه الخِلَع، فلبسها ومضى إلى قمّ، وعزل عنها العبَّاس بن عمرو.

وفيها وقع ببغداد ثلجٌ في كانون من أول النَّهار إلى العصر، وأقام أيامًا لم يَذُب.

وفي رمضان ابتدئ بعمارة المصلَّى ببغداد، وصلَّى فيه أبو الحسن بن الفرات الوزير يومَ الفطر.

وخلع المقتدر على مؤنس الخادم، وأمره بالخروج إلى الثَّغْر بسبب الفداء.


(١) تاريخ الطبري ١٠/ ١٤٠ - ١٤٢، والمنتظم ١٣/ ٧٩ - ٨٢، والكامل ٨/ ١٤ - ١٧، وتاريخ الإسلام ٦/ ٨٦٩ - ٨٧١، وتكملة تاريخ الطبري ١١/ ٣٠ - ٣٣.
(٢) من هنا إلى آخر الخبر ليس في (ف) و (م ١).