للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أودى أبو جَعفرٍ والعلم فاصطحبا … أعظِمْ بذا صاحبًا أو ذاك مَصحوبا

ومنها:

أهوى الرَّدى للثَّرى إذ نال مُهجَتَه … نجمًا على مَن يُعادي الحقَّ مَصْبوبا (١)

إنَّ المنيَّةَ لم تُتْلِف به رجلًا … بل أتْلَفَتْ عَلمًا للدين مَنصوبا

كان الزمانُ به تَصفو مشاربُه. فالآن أصبح بالتَّكدير مَقْطوبا

ودَّت بِقاعُ بلادِ الله لو جُعلَت … قبرًا له فحَباها جسمُه طِيبا

دامت حياتُك للدنيا وساكِنها … نورًا فأصبح عنها النُّورُ مَحجوبا

لو تعلمُ الأرضُ مَن وارَت لقد خشَعَت … أقطارُها لك إجلالًا وتَرْحيبا

وقال الخطيب: عاش خمسًا وثمانينَ سنةً، وكان السَّوادُ في رأسه ولحيته أكثرَ من البياض، وما غيَّر شيبَه قطُّ (٢)، وسمع خلقًا كثيرًا، منهم: محمد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب، وأحمد بن مَنيع البَغَويّ، ويعقوب الدَّوْرَقيّ وغيرهم، وروى عنه أحمد بن كامل، وسليمان بن الأتم الطَّراري (٣)، وأبو محمد الفَرْغاني وغيرهم.

ورثاه أبو سعيد بن الأعرابي فقال: [من الخفيف]

حَدَثٌ مُفْظِعٌ وخَطْبٌ جَليلُ … دقَّ عن مثله اصطبارُ الصَّبورِ

قام ناعي العلومِ أجْمَع لمَّا … قام ناعي محمد بنِ جريرِ

فهَوَتْ أنجمٌ لها زَاهِرات … مُؤذِناتٌ رُسومُها بالدُّثور

يا أبا جعفرٍ مضَيْتَ حَميدًا … غيرَ وانٍ في الجدِّ والتَّشْمير

* * *


(١) في (خ): منصوبا، والمثبت من تاريخ بغداد ٢/ ٥٥٥، وتاريخ دمشق ٦١/ ٢١٢، والسير ١٤/ ٢٨١.
(٢) تاريخ بغداد ٢/ ٥٣٣ - ٣٥٤.
(٣) كذا في (خ)، ولعلها تحريف عن سليمان بن أحمد الطبراني، انظر تاريخ دمشق ٦١/ ١٩٤، وتاريخ الإسلام ٧/ ١٦١.