للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن شعره: [من الوافر]

إذا أعْسَرْتُ لم يعلمْ رفيقي … وأَستَغني فيَستغني صديقي

حَيائي حافظٌ لي ماءَ وَجهي … ورِفْقي في مُطالبتي رفيقي

ولو أنِّي سمَحْتُ ببَذْل وَجْهي … لكنتُ إلى الغِنى سهلَ الطريقِ

وقال أيضًا: [من الكامل]

خُلُقانِ لا أرضَى طريقَهما … بَطَرُ الغِنى ومَذلَّةُ الفقرِ

فإذا غَنِيتَ فلا تكن بَطِرًا … وإذا افْتَقرْتَ فَتِهْ على الدهرِ

ذكر وفاته:

لما كان يوم الاثنين وقتَ الظهر طلبَ ماءً ليُجدِّدَ الوضوءَ، فقيل له: أخِّر الظهرَ لتجمع بينها وبين العصر، فأبى، وصلَّى الظهرَ في وقتها، والعصرَ في وقتها، وقيل: كان ذلك يوم الأحد ليومين بقيا من شوال، فتوفِّي عَشيَّةَ الأحد، ودُفِنَ في داره برَحْبة يعقوب بباب خراسان، ولم يُؤذَن به أحدٌ، فلمَّا علم الناسُ اجتمع خَلْقٌ عظيم، وصلَّوا على قبره شهرًا ليلًا ونهارًا.

وقال أبو الفرج في "المنتظم": كان أبو بكر بن أبي داود قد كتب في حقه ورقةً إلى نصر الحاجب شنَّع عليه بأشياءَ، منها: أنَّه يرى رأيَ جَهْمٍ، وأنَّه تَأوَّلَ قولَه: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤] أي: نعمتاه، ومنها ما روى ابنُ جرير أنَّ روحَ النبي لمَّا خرجَت سألَتْ في كفِّ علي بن أبي طالب فحَساها، قال: وإنَّما الحديثُ فمَسَح بها وجهَه (١).

وقد رثى الطبريَّ أبو بكر بن الحسن بن دريد فقال: [من البسيط]

لن تستطيعَ لأمر الله تعقيبا … فاستَنْجدِ الصَّبرَ أو فاستشعرِ الحُوْبا

وافزعْ إلى كَنَفِ التَّسليمِ وارْضَ بما … قضى المُهيمنُ مَكروهًا ومَحبوبا

إن العَزاء إذا عزَّته جائحةٌ … ذَلَّت عَريكتُه فانْقاد مَجنوبا

فإنْ قَرنْتَ إليه العَزْمَ أيَّده … حتى يعودَ إليه الحُزْنُ مَغلوبا


(١) المنتظم ١٣/ ٢١٧.