للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد ذكرنا أنَّ المقتدر لمَّا نكبَ حامدُ أمر ابنَ الفرات أنْ [لا يُعارضَه ولا] يناظره [إلا] بمحضرٍ من القُضاة والكتَّاب، [وحضور] مُفْلح الخادم وكان بينهما عداوةٌ، فأغلظ له مفلح، فقال حامد: والله لأبتاعنَّ مئة أسودَ مثلِك وأجعلهم قوَّادًا، وأسمِّي كلَّ واحد مفلحًا، فنقل مفلح إلى الخليفة عن حامد ما لم يَقُلْه، فسلَّمه إلى المُحَسِّن بن الفرات، فعذَّبه، ثم بعَث به إلى واسط مع خادمه القاسمي (١) ليعذِّبَه هناك، وكان في رمضان، وأخذ حامدٌ بيضًا يتحسَّاه نِيم رُسْته (٢) في الطريق، فتحيَّل الخادمُ حتى سمَّه في بعضه، فلَحِقَه ذَرَبٌ عظيمٌ، ودخل واسطًا وهو مُثْقَل، فسلَّمه إلى محمد بن علي البَزَوْفَري، وكان ينظُر في واسط من قبل حامد.

وأسرع الخادمُ إلى بغداد، فأراد البَزَوْفَري أن يحتاط لنفسه، فأحضر قاضيَ واسط وشهودها ليَشهدوا عليه أنَّه مات حَتْف أنفه، وأنَّه لا صُنْعَ للبزوفري فيه، وكتبوا كتابًا وقالوا: نشهدُ عليك، فقال حامد: اشهدوا أنَّ ابنَ الفرات الكافرَ الفاجرَ الرافضي الزنديق عاهدني إن أقرَرتُ بأموالي لا ينالُني بمكروه، فأقررتُ له بها، فسلمني إلى ابنه الفاجر، فعذَّبني بأنواع العذاب، وأخرجني إلى هذا البلد مع خادم القاسم بن عبيد الله، وكان أهذا الخادم، يتولَّى قتلَ النفوس للقاسم، فغافلني وسقاني سُمًّا في بيض فقتلني، ولا ذَنْب للبزوفري في دمي إلى وقتنا هذا، ولكنَّه كفر إحساني إليه، فاشهدوا عليّ بما قلتُ.

وكتَبَ صاحبُ البريد إلى المقتدر بذلك، ومات حامدٌ لثلاث عشرة ليلة خَلَت من رمضان، فكان بين وفاته ومقتل الحَلّاج تسعة أشهر وعشرة (٣) أيام.

وقيل: إنَّ الذي سمَّه في البيض المُحَسِّن، وخرج من بغداد مَسْمومًا (٤).


(١) في (م ١) و (ف): مع خادمٍ له يقال له القاسمي.
(٢) نيم رسته: كلمة فارسية تعني: نصف ناضج (نيم: نصف، رسته: نام)، ينظر المعجم الذهبي ص ٢٣٦ و ٥٨٢.
(٣) في (م ١) و (ف): وسبعة.
(٤) صلة الطبري ١١/ ٢٣٥، والمنتظم ١٣/ ٢٣٢، والكامل ٨/ ١٤٠.