للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واجتهد المقتدرُ بهارون بن غريب أن يحارب مؤنسًا [فلم يفعل، وقال: أخاف من عسكري] (١). وقيل: إنه خرج وعسكر.

ثم اجتمعوا إلى المقتدر وقالوا: إنَّ الرجال لا يقاتِلون إلا بالمال، وإن أُخرِجَ المال استأمن رجالُ مؤنس، ودفعَتْه الضرورةُ إلى الهرب والاستتار، وسألوه مئتي ألف دينار.

فتقدَّم بجمع الطَّيَّارات والشَّذا (٢) لينحدر وأولاده وحُرَمه وأُمُّه مع الحُجَريّة إلى واسط، ويَستنجدَ مَن بالبصرة والأهواز وفارس على مؤنس، فقال محمَّد بن ياقوت: اتَّق الله يا أمير المؤمنين في المسلمين وفي غِلمانك وخَدَمك، ولا تُسلِّم بغداد بغير حرب، واخرُج إلى العَسْكر ليراك الناسُ ويقاتلون بين يديك، وإذا رآك رجال مؤنس أَحْجَموا عن قتالك. فقال له المقتدر: أنت رسول إبليس.

فلمَّا أصبح ركب ومعه الجماعة، وعليه البُرْدَة وبيده القضيب، وبين يديه الأُمراء والقُوَّاد وأولاده، ومعهم المَصاحفُ المَنشورة، والقُرَّاء يقرؤون القرآن، وخلفه الفضل بن جعفر الوزير، وشَقَّ بغداد إلى الشمَّاسية والناس يَدعون له بالنَّصر.

وجاء عسكر مؤنس، ووقع الحرب، والمقتدر على تلٍّ، ومؤنس بالرَّاشدية لم يباشر الحرب، وثبت محمَّد بن ياقوت وهارون بن غريب، فجاء أبو العلاء سعيد بن حَمْدان ومحمد بن ياقوت إلى المقتدر وقالا: تقدَّم، فإذا رآك أصحاب مؤنس استأمنوا، فلم يَبْرَح، وتردَّدَت إليه رسائلُ القُوَّاد بالتقدُّم، وألَحُّوا عليه فتقدَّم، ولم يزالوا يَستدرجونَه (٣) حتى أوقعوه في وَسَط الحرب في جماعة يسيرة، وقد قدَّم الغِلْمان والحُجَريّة، وابنُ حمدان (٤) وابن ياقوت ومُفلح وغيرهم بين يديه يقاتلون، فانكشف أصحابُ المقتدر، واستُؤسر (٥) منهم جماعة.


(١) في (خ ف): يحارب مؤنسًا ولا يثق بهم وربما يخرج من منزله. والمثبت من الكامل ٨/ ٢٤١.
(٢) ضرب من السفن الصغار.
(٣) هنا ينتهي السقط المشار إليه في (م ١).
(٤) بعدها في (م ١): والحجرية بين يديه يقاتلون والذين أشاروا عليه بالتقدم ابن حمدان.
(٥) كذا في النسخ وأصل تكملة الطبري ٢٧٢، وفي صلة الطبري ١٥٠، وتاريخ الإسلام ٧/ ٢٢٦: وأُسر منهم جماعة.