للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر قتادة: أنَّ أحد أبويها كان جِنِّيًا وأنَ مؤخر قدميها مثل حافر الدَّابة، وكانت تسكن بمَأرِب.

وقد روى أبو هريرة عن النبي ما ذكره الحسن، ولا يصحُّ، وإنما هو موقوف على أبي هريرة.

وقال ابن الكلبي: كان أبوها من عظماء الملوك، وُلد له أربعون مَلِكًا، وكان يملك اليمن كلَّها ويقول: ليس من ملوك الأطراف من يكافيني، فتزوج امرأة من الجن يقال لها: ريحانة بنت السكن، فَوَلَدت له بلقمة، وهي بِلْقِيس، ولم يكن له ولد غيرها. ولما مات أبوها طمعت بِلْقِيس في المُلْك فأطاعها بعض قومها وعصى عليها البعض، وملَّكوا عليهم رجلًا وافترقوا فرقتين كلُّ فريقٍ استولى على طرف من الأرض، فمدَّ ذلك الرجل يده إلى أموال الرَّعية وحرمهم، وكان يفجر بالنِّساء فكرهوه، وأرسلت إليه بِلْقِيس ترغبُ فيه فتزوجها، فلما زُفَّتْ إليه سقته الخمرَ حتى سكر وذبحته، ونصبت رأسه على باب قصرها، فعَظُمتْ في أعين الناس وأطاعوها، وعلموا أنها تزوَّجته حيلة لتريحهم منه، فقالوا: أنتِ أحقُّ بالملك مِن غيرك، فقالت: إنما قتلته حميَّةً على نسائكم وغيرةً عليكم، فدعوا لها (١).

وقال جدي في "تاريخه" وفي "التبصرة": إنَّ أباها مَلَك سنةً ثم احتُضِر، فاستخلفها وعهد إليها، ودعا أَشرافَ قومه وأخبرهم بذلك، لما عَرَف مِن رأيها وحُسن تدبيرها، فقال له بعضهم: أتدعُ أشرافَ قومك وأفاضِلَهم وتستخلفُ امرأة؟ فذكر لهم حُسن سيرتها وما جَرَّبَهُ من تدبيرها ومعرفتها بسياسة المُلْك، فقالوا: رضينا، وكانت تسكن أرض سَبَأ وهي مَأرِب (٢).

وقال الجوهري: مَأرِب موضع (٣). وبعضهم يقول: مَأرِب اسم قصر بِلْقِيس، وأنشد لأبي الطَّمَحَان (٤):


(١) انظر "عرائس المجالس" ص ٣١٥.
(٢) "التبصرة" ١/ ٣٠٤، ولم نقف على الخبر في "المنتظم".
(٣) "الصحاح": (أرب).
(٤) البيت في كتاب "الحيوان" ٦/ ١٥٤ للجاحظ، ومروج الذهب ٣/ ٣٧٤.